ومن وجه المختار يظهر وجه الإشكال فيما ذكره جماعة من الأصحاب (١) : من أن للعامل زرع ما هو أقلّ ضرراً فيستحق ما سمّاه من الحصّة ، ولا أرش ولا خيار ؛ لعدم الضرر.
وذلك لأنه غير معقود عليه أيضاً ، فكيف يستحق فيه شيئاً مع أنه نماء بذر العامل الذي لا دليل على انتقاله عن ملكه؟
والاعتذار بأن الرضاء بزرع الأضرّ بالنسبة إلى الأرض يقتضي الرضاء بالأقلّ ضرراً.
مضعّف بأن غرض المالك ليس منحصراً فيما يتعلّق بمصلحة الأرض ، بل القصد الذاتي إنما هو الانتفاع بالزرع ، ومصلحة الأرض تابعة وليست بالذات مقصودة ، ولا شك أن الأغراض تختلف في أنواع المزروع ، فربما كان غرضه في الأشدّ ضرراً من حيث نفعه أو الحاجة إليه وإن حصل للأرض ضرر ، ولا يتعلق غرضه بالأخفّ وإن انتفعت الأرض به.
نعم ، مثل هذا يجري في إجارة الأرض لزرع نوع معيّن ، فإنّ عدول المستأجر إلى زرع الأخفّ متّجه ؛ لأن الغرض في الإجارة لمالك تحصيل الأُجرة خاصة ، وهي على التقديرين حاصلة ، ويبقى معه زيادة تخفيف الضرر عن أرضه.
( وخراج الأرض ) وأُجرتها ( على صاحبها ) بلا خلاف ، كما يستفاد من النصوص (٢) ؛ لأنّه موضوع عليها ( إلاّ أن يشترطه على الزارع )
__________________
(١) منهم : الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٢٩٤ ، والسبزواري في الكفاية : ١٢٢ ، وصاحب الحدائق ٢١ : ٣١٥.
(٢) انظر الوسائل ١٩ : ٤٤ أبواب المزارعة والمساقاة ب ١٠.