الدفع حينئذٍ أن صدور عقده منهما إقدام منهما على عدم خلوّ عمل العامل عن الأجر وسلب التبرّع عنه ، غاية الأمر أنهما لم يشترطا أو اشترطا شيئاً معيّناً ، وهو لا يوجب كون العمل تبرّعاً ، وحيث انتفى احتماله وجب أجرة المثل ، بلا خلاف في الظاهر.
ووجهه أن الحكم بعدم وجوبها يستلزم الضرر على العامل الناشئ عن إغراء المالك له بترغيبه إلى العمل تحصيلاً لما بإزائه من الأجر المطلق أو المعيّن ، وحيث بطل تعيّن المثل.
ولذا حكم الأصحاب بوجوب مثل ذلك لمن عمل لآخر عملاً يحكم العرف بعدم كونه متبرّعاً ، كأن يكون دلاّلاً أو سمساراً.
وظاهر عبارتهما كباقي الأصحاب عدم لزومه للعامل في البضاعة. وهو حسن إن لم يكن هناك قرينة من عرف أو عادة بلزومه ، وإلاّ فالمتّجه لزومه ؛ ولذا فصّل الفاضل المقداد في شرحه على الكتاب فقال فيها (١) : إن قال مع ذلك : ولا اجرة لك ، فهو توكيل في الاسترباح من غير رجوع عليه بأُجرة ، وإن قال : لك اجرة كذا ، فإن كان عيّن عملاً مضبوطاً بالمدة أو العمل فذاك إجارة ، وإن لم يعيّن فجعالة ، وإن سكت وكان ذلك الفعل له اجرة عرفاً فله اجرة مثله (٢).
ولنعم ما فصّل ، وينبغي تنزيل كلمة الأصحاب عليه.
( و ) يجوز ( لكلّ منهما الرجوع ) وفسخ العقد ( سواء كان المال ناضّاً ) منقوداً دراهم ودنانير ( أو مشتغلاً ) بالعروض غير منضوض ، بناءً على جوازها من الجانبين ، بلا خلاف يظهر ، وبه صرّح في المسالك
__________________
(١) أي : في البضاعة.
(٢) التنقيح الرائع ٢ : ٢١٣ ، ٢١٤.