ومما حققناه ظهر وجه الفرق بين الأمانتين ، وضابطه : أنه مع وضع اليد بإذن المالك أو مَن في حكمه يكون وديعة ، وبدونه مع عدم الغصب أمانة شرعية.
ووجه الضمان فيها مع الإخلال بما يجب عليه من الردّ فوراً بعد الإجماع الخبر المتقدّم ، وهو وإن عمّ صورة عدم الإخلال بذلك أيضاً إلاّ أنها مخصّصة بالإجماع المتأيّد بالأصل والاعتبار جدّاً.
( و ) يجب على المستودَع أن ( يحفظ كلّ وديعة ) قَبِلَها لفظاً أو فعلاً ، بلا خلاف ولا إشكال في الثاني ؛ لعموم الخبر المتقدم. وكذا في الأوّل مطلقاً ولو فسخ عقدها وخرج عن الاستيداع ، فيجب إلى أن يردّها إلى مالكها ؛ لاستلزام تركه إضاعة المال المنهيّ عنها في الشريعة ، مع استلزامه الضرر على المالك بتغريره له بقبولها ، وهو منفي قطعاً ، فتوى ورواية.
مضافاً إلى إطلاق الأدلّة من الكتاب والسنة بردّ الأمانة الشامل لمفروض المسألة ، ولا يتمّ إلاّ بالحفظ ، فيجب ولو من باب المقدمة.
فمنها زيادة على ما مرّ إليه الإشارة المستفيضة ، منها : « أدّوا الأمانات إلى أهلها وإن كانوا مجوساً » (١). وفي آخر : « ولو إلى قاتل أولاد الأنبياء » (٢).
ومنها : « لو أنّ قاتل علي عليهالسلام ائتمنني على أمانة لأدّيتها إليه » (٣)
__________________
(١) الكافي ٥ : ١٣٢ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٥١ / ٩٩٣ ، الوسائل ١٩ : ٧٣ أبواب أحكام الوديعة ب ٢ ح ٥.
(٢) الكافي ٥ : ١٣٣ / ٣ ، الخصال : ٦١٤ ، الوسائل ١٩ : ٧٣ ، ٧٦ أبواب الوديعة ب ٢ ح ٦ ، ١٤.
(٣) الكافي ٥ : ١٣٣ / ٤ ، الوسائل ١٩ : ٧٢ أبواب أحكام الوديعة ب ٢ ح ٢ ، ورواه الصدوق في أماليه : ٢٠٤ / ٥ عن عمر بن يزيد.