تقدير التجوّز في الحصائد بأن يراد منها الزروع الآئلة إليها يأتي في عمومه ما مضى في إطلاق الصحيح المتقدّم جدّاً ، مع أنّ الموجود في التهذيب المروي فيه بدل « بما شاء » « إن شاء » فلا دلالة فيه أصلاً.
والثاني في بيع الأرض بحاصلها وغيره لا بيع الزرع بهما ، وتأويله إليه بإضمارٍ أو تجوّزٍ مع عدم إمكان الاستدلال به حينئذٍ لا داعي يلجئ إليه أصلاً.
واعلم أنّ مقتضى الأصل واختصاص النصوص وكثير من الفتاوي بالمنع عن بيع ثمرة النخل بالتمر والسنبل المتبادر منه نحو الحنطة به ، حلّ بيع باقي الثمار على أُصولها ولو بمجانسها مطلقا ، منها أو من غيرها ، وبه صرّح جماعة من أصحابنا (١).
خلافاً لآخرين (٢) ، فعدّوا المنع إليها ، وألحقوها بالمزابنة إذا كانت في الأشجار ، وبالمحاقلة إذا كانت في الزروع ؛ نظراً منهم إلى أنّ أحد أدلّة المنع فيهما احتمال تحقق الربا ، بناءً على أنّهما بيع ثمرتين ربويتين مكيلتين أو موزونتين ، والغالب التفاوت ، فحصل شرط الربا ؛ ولأنّ بيع أحد الربويين بالآخر مشروط بالعلم بمساواتهما قدراً ، كما مضى ، ومعلوم أنّها غير ظاهرة هنا.
وهو كما ترى ؛ فإنّ الأثمار على الأُصول والأشجار ليست مقدّرة بأحد التقديرين جدّاً ، بل يباع مشاهدة عرفاً وعادةً وشرعاً ، والمعتبر من المكيل
__________________
(١) منهم : ابن زهرة في الغنية : ٥٨٩ ، والسبزواري في الكفاية : ١٠٠ ، والبحراني في الحدائق ١٩ : ٣٥٧.
(٢) كالشهيد الأول في الدروس ٣ : ٢٣٧ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ٤ : ١٧٠ ، والشهيد الثاني في الروضة ٣ : ٣٦١.