واعلم أن كثيراً من الأصحاب (١) ذكروا أن مستودَع الحيوان إن أمره المالك بالإنفاق أنفق ورجع عليه بما غرم ، وإن أطلق توصّل إلى استيذانه ، فإن تعذّر رفع أمره إلى الحاكم ليأمره به ، أو يستدين عليه ، أو يبيع بعضه للنفقة ، أو ينصب أميناً ، فإن تعذّر أنفق هو وأشهد عليه ( ويرجع به على المالك ) ولو تعذّر الإشهاد اقتصر على نية الرجوع ، وكذا القول مع نهي المالك له عنه.
ولا إشكال في شيء من ذلك ، حتى الرجوع بما أنفق على المالك حيث أثبتوه له ؛ لاستلزام عدمه الضرر المنفي ، مع أنه محسن وليس عليه سبيل. إلاّ أن في اشتراط الإشهاد نظراً ؛ لعدم الدليل عليه ، ويحتمل أن يكون ذكره إرشاداً لا اشتراطاً ، فتأمّل جدّاً.
( والوديعة أمانة لا يضمنها المستودَع إلاّ مع التفريط أو العدوان ) إجماعاً ؛ للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة ، ففي الصحيح : « صاحب البضاعة والوديعة مؤتمنان » (٢).
وفي آخر : رجل استأجر أجيراً فأقعده على متاعه فسرق ، قال : « هو مؤتمن » (٣).
وفي ثالث : عن الرجل يستبضع المال فيهلك أو يسرق ، أعلى صاحبه ضمان؟ فقال : « ليس عليه غرم بعد أن يكون الرجل أميناً » (٤).
__________________
(١) كالعلاّمة في التحرير ١ : ٢٦٨ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٣٠٥ ، وصاحب الحدائق ٢١ : ٤١٥.
(٢) الكافي ٥ : ٢٣٨ / ١ ، التهذيب ٧ : ١٧٩ / ٧٩٠ ، الوسائل ١٩ : ٧٩ أبواب أحكام الوديعة ب ٤ ح ١.
(٣) الفقيه ٣ : ١٩٣ / ٨٧٨ ، الوسائل ١٩ : ٧٩ أبواب أحكام الوديعة ب ٤ ح ٢.
(٤) الكافي ٥ : ٢٣٨ / ٤ ، التهذيب ٧ : ١٨٤ / ٨١٢ ، الوسائل ١٩ : ٨٠ أبواب أحكام الوديعة ب ٤ ح ٥.