.................................................................................................
______________________________________________________
الواقف من حبس عين خاصة أبدا هو بقاؤها بشخصها لتكون صدقة جارية ينتفع بها معنويا ، كما ينتفع الموقوف عليهم بها مادّيا. ومن المعلوم أن تجويز بيعها ـ عند خوف خرابها وقلة منفعتها لو بقيت بحالها ـ ينافي هذا الغرض. وحيث إن الوقوف تكون على حسب ما يقفها أهلها لم يجز نقض غرض الواقف.
والمصنف دفع هذا المانع بما محصله : عدم لزوم نقض غرض الواقف ، بل يلزم حفظ مقصوده لو بيع الوقف ، وبيانه : أن غرض الواقف وإن كان حبس شخص ما وقفه ، وعدم تبديله بشيء آخر ، إلّا أنه محدود بعدم العلم أو الظن بانقطاع هذا الشخص ، لينتفع به الموقوف عليهم.
وأمّا مع علمه بأوله إلى الخراب وتعذّر الانتفاع به مستقبلا فيدور الأمر بين وجهين :
أحدهما : ترك الوقف حتى يهلك ويخرج عن كونه صدقة جارية ، وحينئذ فكما تسقط العين عن حيّز الانتفاع بها فكذا تنعدم ماليتها القائمة بها.
ثانيهما : تبديل الوقف ، وهو وإن استلزم إسقاط حق الواقف من الانتفاع المختص بشخص الوقف ، إلّا أنّه يوجب حفظ غرضه في الانتفاع بمالية العين القائمة بالبدل. فإن قيل بالوجه الأوّل استلزم عدم رعاية حق الواقف في نوع ماله ليكون صدقة جارية. وإن قيل بالوجه الثاني فقد روعي فيه حقه ، فيكون نوع ماله صدقة.
ولا ريب في أن هذا الوجه أوفق بغرض الواقف ، لما فيه من رعاية حقه في الوقف ، بخلاف ترك البيع الموجب لسقوط حقه شخصا ونوعا.
والمتحصل : أن البيع غير مناف للتبديل.
فإن قلت : كلام المصنف هنا ينافي ما سيأتي في (ص ١٤٨) ـ في ردّ المستدلّ على الجواز بلزوم رعاية غرض الواقف ـ من عدم الدليل على وجوب متابعة أغراض الواقفين ، فإنّ ما يجب الوفاء به هو العقد والشرط فيه ، دون الأغراض