.................................................................................................
______________________________________________________
الأوّل : أنّ العين الموقوفة على من ينقرض وإن كانت ملكا للواقف حسب الفرض ، ولكنها مسلوبة المنفعة ، لكونها مستحقة للموقوف عليه مدة حياته. ولمّا لم يكن أمد استحقاق المنفعة مضبوطا بالأعوام لم يعلم المشتري أن عوض الثمن هل هو المبيع المسلوب منفعته سنة أو مسلوبها عشر سنين؟ فيصدق «البيع الغرري» عليه ، لدخل قصر المدة وطولها في مالية المبيع زيادة ونقصا.
والشاهد على أن الجهل بزمان تسليم المنفعة يوجب غررية البيع ما ذكروه في بطلان بيع مسكن المطلّقة بالأقراء ، لجهالة وقت انتفاع المشتري بدلك المسكن ، لدوران زمان عدّتها بين ستة وعشرين يوما ولحظتين ، وتسعة أشهر ، وسنة ، وخمسة عشر شهرا (١). فلو باع المالك هذا المسكن فلا بدّ أن يبيعه مسلوب المنفعة ، فإن علم أمد العدة ـ كما إذا كانت بالأشهر ـ صحّ البيع ، فهو نظير بيع دار مؤجّرة سنة. وإن لم يعلم لزم الجهل بوقت تسليم المنفعة ـ وهي السكنى ـ للمشتري ، فيبطل البيع.
قال المحقق قدسسره : «لو طلّقها ثم باع المنزل ، فإن كانت معتدة بالأقراء لم يصح البيع ، لأنّها تستحق سكنى غير معلومة ، فيتحقق الجهالة ... ولو كانت معتدة بالشهور صحّ ، لارتفاع الجهالة» (٢).
والمقام أولى بالبطلان ، لإمكان استثناء البائع ـ لمسكن المعتدّة ـ أطول مدة يقطع بعدم زيادة العدة عليها ، وهي خمسة عشر شهرا ، بخلاف ما نحن فيه ، إذ لا سبيل للعلم بمدة حياة الموقوف عليه حتى يستثنيها الواقف.
الثاني : أنّه لا فرق في مانعية الغرر في البيع بين الجهل بذات العوضين وبين الجهل بشأنهما من وصف أو خصوصية كما في المقام ، لكون وقت القدرة على تسليم
__________________
(١) كما في مفتاح الكرامة ، ج ٩ ، ص ١٤١ وجواهر الكلام ، ج ٢٨ ، ص ١٢٨ ، ولاحظ شرائع الإسلام ، ج ٣ ، ص ٣٦.
(٢) شرائع الإسلام ، ج ٣ ، ص ٤٣.