.................................................................................................
______________________________________________________
ويمكن أن يكون نظر المصنف في دفع الوجه الثاني إلى أمر آخر غير ما في المقابس ، وهو : منع مقايسة فكاك الرقبة من القصاص بفكّها من الثمن ، وذلك لأنّ جواز بيعها في ثمنها مع فرض إعسار المولى منحصر في بيعها. بخلاف فكاك رقبتها من القصاص ، لعدم تعيّنه على المجني عليه ، لإمكان العفو.
ولو سلّم ، أمكن منع القياس بعدم جامع بينهما ، إذ ليس في البيع فكّ ، بل تبديل إضافة الملكية. بخلاف الاسترقاق ، فإنّه فك لها عن الجناية. ولم يستكشف مناط قطعي في البيع ليتعدى منه إلى الاسترقاق.
وأما الوجه الثالث ، فقد دفعه في المقابس أيضا بقوله : «وقتلها عمدا لمولاها يقتضي القصاص منها وإن عتقت لحقّ ولدها ، فعفو أولياء المولى عنها باختيارهم لا يقتضي تسبب القتل للتخفيف ، وهو ظاهر» (١).
وحاصله : أنّ جنايتها العمدية غير مقتضية للتخفيف حتى يقال بعدم مناسبة العمد للتخفيف على الجاني ، بل تقتضي التشديد والتغليظ عليها بالاقتصاص منها ، وهذا الحق باق للمولى ، أو لولي الدم ، واستيفاؤه جائز. فلو عفوا باختيارهم فهو وإن كان تخفيفا عليها ، لكنه ليس ممّا يقتضيه القتل ، فلمولاها الإمساك عليها وأن لا يعرّضها لشيء من النواقل. هذا.
مضافا إلى : أنه من العلة المستنبطة التي لا يعلم دوران الحكم الشرعي مدارها ، فهو مجرّد استحسان لا يعتدّ به في الأحكام الشرعية ، فإنّ العقول قاصرة عن إدراك ملاكاتها ، ولا سبيل إلى معرفتها إلّا بيان المعصوم صلوات الله عليه.
فتلخص : عدم الوجه في الاسترقاق أصلا ، فلا موجب لجواز بيعها جزما. فما عن المشهور من عدم جواز بيعها هو الأقوى ، والله العالم بأحكامه.
__________________
(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٨١.