وقد يعترض (١) بأصالة عدم تقيّد الوجوب ، ثم يدفع (٢) بمعارضته بأصالة عدم تقيّد البيع بهذا الشرط.
وفي الاعتراض والمعارضة نظر واضح (٣) ،
______________________________________________________
(١) يعني : يعترض على التضعيف المزبور بمنع الشق الثاني منه ، وهو جعل وجوب التسليم مشروطا بالقدرة عليه.
وجه المنع أنّ تقييد الوجوب بالتمكن منه مخالف لأصالة عدم تقيد الوجوب ، ويتعيّن الشق الأوّل ، وهو كون وجوب التسليم فعليا بنفس العقد ، ويترتب عليه انكشاف انتفاء الملزوم من انتفاء اللازم. قال في المصابيح في تقرير الاعتراض : «لا يقال : الأصل في الوجوب عدم التقييد ، وقد ثبت بالقياس إلى العجز المتجدد ، بخلاف السابق ، لأنّ القدرة على التسليم إذا كانت شرطا كان الوجوب بالقياس إليها مطلقا ، لكونها مفروضة الحصول على هذا التقدير».
(٢) أي : يدفع الاعتراض. قال العلّامة الطباطبائي قدسسره في دفعه : «لأنّ هذا الأصل معارض بمثله في جانب البيع ، فإنّ الأصل عدم اشتراطه بالقدرة على التسليم ، فيجب تقييد وجوب التسليم بحصول القدرة السابقة كاللاحقة» (١).
ومحصله : أن دليل الصحة ـ كآية حلّ البيع ـ لم يقيّد بالقدرة على التسليم ، فلو شكّ في التقييد جرى أصالة عدم اشتراطه بها ، وهذا الأصل العملي معارض لأصالة إطلاق وجوب التسليم ، وبعد التساقط يبقى إطلاق دليل حلّ البيع بحاله ، ويقال بصحة البيع حتى مع العجز عن التسليم حال العقد ، تمسكا بإطلاق دليل الإمضاء.
(٣) أمّا وجه النظر في الاعتراض فهو : أنّ أصالة عدم التقييد إن اريد بها الأصل العملي ، ففيه : أنّه لا أصل لها. وإن اريد بها أصالة الإطلاق ، ففيه : أنّها من
__________________
(١) المصابيح ، كتاب التجارة (مخطوط) ونقل صاحب الجواهر نصّ كلامه ، فراجع : جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٣٩١.