لكن أطبق الأصحاب على تركها ، والعمل بالأخبار السابقة المصرّحة بالاكتفاء بالحركة ، معلّلةً بأنّه ربما كان أخرس ، ولعلّه لقوّة احتمال ورود هذه الأخبار مورد الغالب.
وربما جمع بعض الأصحاب بينها وبين الأخبار المتقدّمة بالتخيير بين الأمرين ، بمعنى الاكتفاء بأحدهما (١).
ولا بأس به ، لكنّه ليس بجمع حقيقة ، بل خروج عن ظاهر الأخيرة ، وطرح لمفاهيمها بالكلّية.
والأجود حملها على التقيّة ، كما فعله جماعة ، ومنهم شيخ الطائفة ، قال : لأنّ بعض العامّة يراعون في توريثه الاستهلال (٢).
أقول : ويشير إليه الأمر بالصلاة عليه بعد استهلاله في الصحيحة الأُولى ، ويستفاد من بعض الأخبار الصحيحة (٣) كونه مذهب العامّة.
وأمّا الجمع بينها بتخصيص الأخيرة بالإرث من الدية ، والأوّلة بالإرث من غيرها ، كما في المفاتيح (٤).
فضعيف غايته ؛ لعدم الشاهد عليه سوى إشعار المرسلة به ، من حيث تخصيص الإرث بالدية باعتبار الاستهلال فيه ، واختصاص الموثقة السابقة عليها بها أيضاً ، ولا يصلحان للشهادة ، من حيث إنّ الاختصاص في الموثقة إنّما هو في كلام الراوي خاصّة ، والإشعار في المرسلة ليس بحجة إلاّ على تقدير حجية مفهوم اللقب ، وهو مع أنّه ليس بحجة باتفاق
__________________
(١) انظر الوسائل ٢٦ : ٣٠٢.
(٢) الاستبصار ٤ : ١٩٩ ؛ وانظر الدروس ٢ : ٣٥٥.
(٣) الفقيه ٤ : ٢٢٦ / ٨١٨ ، التهذيب ٩ : ٣٩٢ / ١٣٩٩ ، الإستبصار ٤ : ١٩٨ / ٧٤٤ ، الوسائل ٢٦ : ٣٠٤ أبواب ميراث الخنثى ب ٧ ح ٨.
(٤) المفاتيح ٣ : ٣١٦.