الحجة دونها ، وإن كان مستنداً إليها فضعفه أظهر من أن يخفى ، سيّما مع اعترافه أوّلاً بعدم دلالتها.
ثم إنّ المرجوحية المدّعاة في العبارة كما يستفاد من سياقها المتضمن لتضعيف أسانيدها ودلالتها مرجوحية حقيقية ليس معها في الروايات حجة ، وأمّا على المختار فليس المراد من المرجوحية ذلك ، بل المرجوحية بحسب الاحتياط في العمل ، وإلاّ فقد عرفت اعتبار أسانيد ما دلّ عليه ، مع الاعتضاد بالأولوية ، والإجماعين اللذين كاد أن يكونا كالأولوية حجة مستقلة ، وليس في كثير من المسائل الشرعية المثبتة بالظنون الاجتهادية أقوى من هذه الحجة ، فيخصّص بها الأصل في المسألة ، كما يخصّص بمثلها بل وبما دونها في تلك المسائل المزبورة.
والشهرة المدّعاة في كلام الجماعة ليست بتلك الشهرة التي توجب مرجوحية هذه الحجة ، ووهن الإجماعات المحكيّة ، فإنّها شهرة متأخّرة ، كما صرّح به جملة من النقلة لها في المسألة ، ومنهم صاحب الكفاية (١) ، وهو كذلك ؛ إذ لم نر من القدماء من أفتى بهذا القول ، إلاّ الشيخ وبعض من تبعه ممن تقدم إليه الإشارة (٢) ، ومجموعهم أربعة بعين عدد من قال بالمختار من القدماء ، فإنّهم أيضاً كما عرفت أربعة ، ويزيدون عليهم بدعوى جملة منهم على مختارهم إجماع الإمامية ، وأقلّ ما يستفاد من هذه الدعوى سيّما مع التعدّد الشهرة القديمة ، كما مرّ إليه الإشارة ، ومع ذلك الشهرة المتأخّرة إنّما نشأت من الفاضلين والشهيدين وجملة ممن تقدم
__________________
(١) الكفاية : ٢٩١.
(٢) راجع ص : ٤٣٦.