وهذا الخبر مع صحّته ربما يؤيّد أنّ الاعتبار بفعل النافلة ، ولمّا كانت متفاوتة بالطول والقصر لم يكن بين الظهر والعصر حدّ معروف ، ولو كان ما دلّ على القدم والقدمين والأربعة والقامة محمولاً على ظاهره من دون الحمل على فعل النافلة طالت أو قصرت لكان الحدّ بين الظهر والعصر موجوداً ، فكان الأولى من الشيخ ذكر هذا الخبر هنا.
وما ذكره بعض محقّقي المعاصرين سلّمه الله من احتمال أن يكون المراد دخول وقتيهما معاً بالزوال كما تضمّنته الأخبار (١). لا يخلو من تأمّل في نظري القاصر :
أمّا أوّلاً : فلأنّ فيه اعترافاً باشتراك الوقت من أوّله بين الظهرين وقد تقدّم منه ما قدّمناه عنه (٢) ، من قوله : إنّ ما تضمنه كثير من الأحاديث من دخول الوقتين بأوّل الزوال لا ينافي ما هو المشهور من اختصاص الظهر من أوّل الوقت ؛ إذ المراد بدخول الوقتين دخولهما موزَّعين ، كما يشعر به قوله عليهالسلام في حديث عبيد بن زرارة : « إلاّ أنّ هذه قبل هذه » (٣) وحديث آخر عنه (٤) مثله (٥).
وأمّا ثانيا : فلأنّا إذا قلنا بالاختصاص لا مانع من عدم الحدّ نظراً إلى أنّ وقت الاختصاص تابع لفعل الظهر طولاً وقصراً ، فلا حاجة إلى التعبير بدخول وقتيهما بالزوال.
ويمكن الجواب : بأنّ الغرض من دخول وقتيهما أعمّ من
__________________
(١) البهائي في الحبل المتين : ١٣٩.
(٢) راجع ص ١٢١٣.
(٣) التهذيب ٢ : ٢٦ / ٧٣ و ١٠٩ / ٥١ ، وسائل الشيعة ٤ : ١٣٠ أبواب المواقيت ب ٤ ح ٢١.
(٤) التهذيب ٢ : ٢٤ / ٦٨ ، وسائل الشيعة ٤ : ١٢٦ أبواب المواقيت ب ٤ ح ٥.
(٥) الحبل المتين : ١٣٩ وهو في الذكرى ٢ : ٣٢٩.