عدم إرادة الفعل بعد النصف يراد الفعل فيما قرب من النصف على سبيل الوجوب المضيّق تحقيقاً للمشقّة المنفيّة ، إذ الاتساع إلى النصف لا مشقّة فيه.
يمكن الجواب عنه : بأنّ المدّعى ظهور نفي الوجوب فيما قرب من النصف فيكون الأفضل ما قرب حيث انتفى الوجوب. ويحتمل أن يستفاد أنّ النصف منتهى الوقت الأفضل. وفيه ما لا يخفى.
وقد ذكر العلاّمة ( في المختلف ) (١) في حديث : « ولو لا أنّي أخاف أن أشقّ على أُمّتي لأخّرت العتمة إلى ثلث الليل » (٢) : أنه دالّ على أفضليّة التأخير إلى الثلث.
وغير خفيّ توجّه عدم الدلالة لولا ما قرّرناه ، ولو حمل الخبر المذكور على منتهى الوقت الأفضل على نحو الخبر المبحوث عنه أمكن ، غير أنّ المناقشة في الدلالة على الفضل والأفضل من نفي الوجوب لا يخلو من وجه لولا احتمال دلالة السياق ، والإجمال من جهة لفظ : إلى نصف وإلى ثلث ، لا يخلو من إشكال.
وعلى كلّ حال ربما يقال : إنّ هذا الخبر ينافي مطلوب الشيخ كما لا يخفى.
فإن قلت : ما وجه الاستحباب؟ مع أنّ رفع الوجوب لا يستلزم الاستحباب بل الجواز.
قلت : قد أشرنا إلى أنّ الدلالة من جوهر الكلام ؛ لأنّ رفع الوجوب هنا لا وجه له ، بل عدم الوجوب من الأصل مرادٌ ، فلا جنس موجود يحتاج إلى فصل على نحو ما قرّر في رفع الوجوب في الأُصول.
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « فض ».
(٢) المختلف ٢ : ٥٠.