انتصافه ، ثم قال ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ) (١) فهذه الخامسة ، وقال في ذلك ( أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ ) وطرفاه المغرب والغداة ( وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ ) (٢) هي صلاة العشاء الآخرة » الحديث (٣).
ووجه الدلالة : أنّ الظاهر من الرواية كون الأمر بالصلوات في الأوقات المذكورة ، وما دلّ على الاشتراك من الأخبار في الظهرين ، لا ينافي الاختصاص ؛ لجواز إرادة ما بعد الاختصاص ، فالحمل على الاشتراك من الأوّل وإن أمكن ، إلاّ أنّ ظاهر الخبر خلافه ، على أنّ ما دلّ على أنّ هذه قبل هذه يؤيّد إرادة غير وقت الاختصاص ، لأنّه قد علم من خبر زرارة القبليّة ، فلا بدّ أن يراد فيما بعد الاختصاص.
فإن قلت : يحتمل أن يُراد بيان مدلول خبر زرارة على معنى أنّ هذه قبل هذه في الاختصاص ، فيكون تأكيداً لمدلول الآية والرواية.
قلت : التأسيس أولى من التأكيد ، كما قرر في الأُصول ، وما دلّ على دخول الوقتين من الأوّل في الظهر محتمل لإرادة دخول الوقتين مجازاً أو استعارةً ، بسبب القرب بين الوقت المشترك والمختصّ كما مضى.
وممّا يؤيّد الاختصاص ذكر الصبح في خبر زرارة ، ومن هنا يعلم أنّ ما نقله بعض محقّقي المعاصرين سلّمه الله عن بعض الأصحاب : من الاستدلال على امتداد وقت المغرب إلى مقدار أربع من العشاء برواية زرارة (٤). لا يخلو من وجه ، واعتراضه عليه : بأنّه لا يلزم من كون ما بين
__________________
(١) الإسراء : ٧٨.
(٢) هود : ١١٤.
(٣) التهذيب ٢ : ٢٤١ / ٩٥٤ ، الوسائل ٤ : ١٠ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢ ح ١.
(٤) البهائي في الحبل المتين : ١٤٣.