قلت : لا يبعد ممّا ذكرناه توجيهُ الاحتياط حينئذ ؛ لأنّ عدم انضباط الآفاق يقتضي عدم ثبوت قاعدة كليّة منهم عليهمالسلام وإن كانوا عالمين بالأحكام ، فيكون غيبوبة القرص هي أوّل الوقت ، إلاّ أنّ الأُفق يتفاوت ، فالاحتياط في الصبر إلى مضيّ الحمرة ، وما دلّ عليه الخبر المبحوث عنه : من إطلاق أنّ عدم الرؤية يقتضي جواز الصلاة. وإن كان ظاهراً في أنّ مجرّد ما قاله عليهالسلام كاف ، إلاّ أنّ احتمال أن يراد أنّ عليك مشرقك ومغربك بالنسبة إليك لا إلى كلّ أحد ، فالتفحص عن إبطال صلاة الغير لا وجه له ، وإن كان الظاهر من الرواية الإطلاق وغيرها من الأخبار مبيّناً ، والمقام المتضمّن لسؤال زيد الشحّام ربما اقتضى الجواب بهذه الصورة.
وقد ذكر بعض أهل الخلاف (١) بعد حديث عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ( أنّه ) (٢) قال في وقت المغرب : « والشمس إذا وجبت » إلى آخره. أنّ الوجوب السقوط ، ويستدل به على أنّ سقوط قرصها يدخل به الوقت ، والأماكن يختلف فما كان منها فيه حائل بين الرائي وبين قرص الشمس لم يكتف بغيبوبة القرص عن العين ، ويستدل على غروبها بطلوع الليل من المشرق.
وعلى هذا لا يتوجّه أنّ احتمال التقيّة في الجواب لا وجه له ؛ لإمكان أن يقال : إنّ التقيّة من جهة عدم العلم بتفصيل الوقت من السائل ، وسيأتي (٣) ما ينبئ عن الاحتمال الذي ذكرناه من عدم الانضباط للآفاق في رواية شهاب بن عبد ربّه (٤) ، وإن كان للشيخ فيها تفسير آخر لا يوافق ما
__________________
(١) كابن حجر في فتح الباري ٢ : ٣٣.
(٢) ما بين القوسين أثبتناه من « رض ».
(٣) في « فض » زيادة : في بعض الاخبار.
(٤) في ص ١٣٢٦.