ففيها أنّ موسى بن عمر مهمل كما قدمناه (١) ، وإن كانت الصحة حقيقة ، فالحكم مخالف لما صرّح به في الخلاصة من التوقف فيما يرويه (٢) ، وإن كان احتمال صحة حديثه لو خلا من الموانع غيره ، لا يخلو من وجه لما قررناه من رجحان قول النجاشي.
ثم الأحاديث المذكورة على تقدير صحتها فالخبر الأوّل أيضاً صحيح ؛ لأنّ ثعلبة بن ميمون موجود في هذه الأخبار ، وقد دلّ على أنّ العتمة تجب إذا غاب الشفق ، وخبر بكر بن محمّد قد وصفه بالصحة (٣) ، وهو دال على أنّ وقت العشاء ذهاب الحمرة ، ولهذين الخبرين مؤيّدات كما لتلك مؤيّدات ، والحمل على الفضيلة ليس بأولى من الحمل على الاختيار والاضطرار على وجه يكون غير العلّة من الأعذار ، لتضمن البعض نفي العلّة ، وحينئذ فقول العلاّمة : إنّ الإجماع ، إلى آخره (٤). قد يتوجّه عليه أنّ غير الإجماع من الأدلة قد يعارض ، والترجيح لأحد الحملين محلّ تأمّل ، والذمّة مشغولة بالعبادة ، والاقتصار على المجمع عليه لبراءة الذمّة به متعيّن.
والحق أن يقال : إنّ دلالة الأخبار على الفضيلة أظهر ، كما يعلم من تدبّرها ومساق أكثرها ، مضافاً إلى تضمّن بعضها نفي العلّة ولا قائل فيما نعلم بالفرق بين العلّة والعذر ، ويؤيّد ذلك ظاهر الآية وتفسيرها في خبر زرارة السابق من الفقيه (٥) ، فتأمّل.
__________________
(١) في ص ١٣٤٤.
(٢) الخلاصة : ٢٠٠ / ١.
(٣) المختلف ٢ : ٤٧.
(٤) راجع ص ١٣٤٥ وهو في المختلف ٢ : ٤٩.
(٥) راجع ص ١٣٠٨.