والسادس : ظاهر الدلالة على أنّ وقت صلاة الفجر حين ينشقّ إلى أن يتجلّل الصبح السماء ، غير أنّه ربما يستفاد منه أنّ هذا مبدأ وقت الفضيلة ومنتهاه ، فيكون في قوّة قوله : والوقت الأوّل للصبح كذا وآخره كذا ، كما ينبّه عليه قوله : « ولا ينبغي تأخير ذلك عمداً » إلى آخره.
ويحتمل أن يراد بالوقتين : الاختيار والاضطرار ، أو الفضيلة والإجزاء ، ويراد بالأوّل من كلّ منهما كما سبق ، وحينئذ قوله : « ووقت الفجر » يريد به أنّ أوّله أفضل من آخره ، وكان الأوّل له نوع ظهور.
وما تضمّنه من ذكر وقت المغرب له دلالة على أنّ للمغرب وقتين بنحو ما ذكر في الصبح ، والأوّل حينئذ إلى اشتباك النجوم وهو الأفضل ، غير أنه لا يخفى دلالة بعض الأخبار السابقة على أنّ اشتباك النجوم أوّل الوقت ، ويمكن التوجيه بأن يراد بالاشتباك غير غيبوبة الحمرة المشرقية بل المغربية ، ولا مانع من استعمال الاشتباك في معنيين كما يستفاد من الأخبار السابقة (١).
ويحتمل أن يراد وقت فضيلتها من غيبوبة القرص إلى اشتباك النجوم على معنى ابتداء الفضيلة لا انتهائها ، وحينئذ يصير مثله في الصبح ، ويراد أنّ ابتداء فضيلة الصبح من الانشقاق إلى أن يتجلّل الصبح السماء ، كما أنّ ابتداء فضيلة المغرب من غيبوبة القرص إلى اشتباك النجوم ، وهذا يؤيّد إرادة الفضيلة من الوقت الأوّل والإجزاء من الثاني ، إلاّ أنّ اللازم منه أنّ فعل المغرب بعد الاشتباك يكون إجزاءً ، ولعلّه لا مانع منه ، فيكون للمغرب إجزاءان ، أحدهما هذا والآخر بعد غيبوبة الشفق ، كما أنّ للظهر إجراءين ،
__________________
(١) راجع ص ١٢٩٢.