وفيه : أنّ معتبر الأخبار قد فسّرت فيه الآية بمطلق السفر كما في صحيح زرارة ومحمّد بن مسلم في الفقيه قالا ، قلنا لأبي جعفر عليهالسلام : ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي وكم هي؟ فقال : « إنّ الله عزّ وجلّ يقول ( وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ) (١) فصار التقصير في السفر واجباً كوجوب التمام في الحضر » الحديث (٢).
وهو كما ترى يدل على أنّ الآية يراد بها مطلق السفر ، فإذا خرج ما دون الأربع بقي ما عداه ، وما ورد في الأخبار من الثمانية يعارضه الأربعة ، فالأصل قد زال.
ويمكن الجواب بأنّ تفسير الآية من الخبر غير صريح في عدم شرط الخوف ، ومعه يتم التوجيه ، ويؤيّد هذا ما رواه الصدوق في تفسير الآية أيضاً في الصحيح من أنّه تقصير ثانٍ يجعل الثنتين واحدة مع الخوف.
وما ذكره الوالد قدسسره : من احتمال أن يراد بالتقصير ما يشمل تقصير السفر من غير خوف ومعه جمعاً بين الخبرين المفسِّرين للآية. لا يخلو من وجه ، وبه يندفع الجواب ، إلاّ أنّ باب المقال واسع.
ويمكن أن يقال : إنّ غرض العلاّمة كون الذمة [ متيقّنة (٣) ] الاشتغال بالتمام ما لم يتحقق القصر ، وفي الأربعة لم يتحقق ؛ لاحتمال أخبارها بسبب المعارض ما لا ينافي التمام. وفيه : أنّ الأصل إذا زال لم يمكن الاستدلال به إلاّ أن يقال : إنّ زواله مطلقا ممنوع ، فليتأمّل.
__________________
(١) النساء : ١٠١.
(٢) الفقيه ١ : ٢٧٨ / ١٢٦٦ ، الوسائل ٨ : ٥١٧ أبواب صلاة المسافر ب ٢٢ ح ٢.
(٣) في النسخ : منتفية ، والظاهر ما أثبتناه.