وقد يتوجه عليه : أنّه إنّما يتم لو علم أنّ العدول سببه ذلك على وجه الحصر ، وقد ذكر علماء المعاني ما يقتضي عدم الانحصار ، وعلى تقدير الانحصار فهو متوقف على العلم بالعدول.
ولعلّ الجواب عن الثاني ممكن بأنّ الظاهر من بيان الأحكام إرادة الطلب ، أمّا الأوّل فلا يبعد أن يدّعى تبادره في الأحكام ، إلاّ أنّا قدّمنا في هذا الكتاب احتمال أن يكون العدول عن الأمر لكونه حقيقةً في الوجوب ، فإذا عدل عنه احتمل أن يكون لإرادة الاستحباب.
وما عساه يقال : إنّ فيه مخالفة لكون الأمر وما في معناه للوجوب على القول به.
يمكن الجواب عنه : بأنّ المناقشة حاصلة في اتحاد الأمر والجملة الخبرية في الدلالة على الوجوب ، لما ذكرناه من الاحتمال ، وادعاء أنّ أدلة وجوب المأمور به تأتي في ما هو في معناه محلّ كلام.
ثم إنّ الفور إذا لم يدلّ عليه الأمر لوقوع الخلاف فيه وإمكان الدخل في أدلّته ، كما ذكر في الأُصول ، وإن كان يختلج في الخاطر دلالته بسبب أنّ الأمر موضوع للحال ، كما هو إجماعي عند النحاة ، وإجماعهم حجة كما قرر ، وذكرت هذا في حواشي المعالم ، إلاّ أنّ فيه نوع كلام ليس هذا محلّه ، غير أنّ الخبر المبحوث عنه فيه دلالة على الفورية بقوله : « في أيّ ساعة » إلاّ أن يقال : إنّ « إذا » قد اختلف في دلالتها على العموم ، فقيل : إنّها دالّة (١) ، وقيل : مهملة (٢) ، وبتقدير الخلاف لا يتم المطلوب ؛ لاحتمال عدم العموم ، ويراد بكلّ ساعة بعض آناء الذكر التي يجب فيها القضاء.
__________________
(١) حكاه في تمهيد القواعد : ٣٨٢.
(٢) انظر تمهيد القواعد للشهيد الثاني : ٣٨١.