قلت : هذا الخبر لا يقبل التوجيه بما لا ينافي التخيير ؛ لأنّه قال فيه : « لا يقصّر ولا يفطر » والإفطار منفيّ عند المعروفين من متأخّري الأصحاب في الأربعة ، وإن كان فيه كلام ، لأنّ العلاّمة نقل عن المفيد التخيير في الصوم (١) أيضاً ، إلاّ أنّ الإلزام للشيخ بهذا الخبر ومن تابعه لا محيد عنه ، ومن لم يعمل به فهو في راحة من التوجيه ، وما تضمّنه من نيّة السفر لأجل الإفطار سيأتي القول فيه إن شاء الله في بابه.
فإنّ قلت : الخبر إذا كان ضعيفاً بالإرسال والأوّل بالتوثيق والإجمال فاعتماد الأصحاب على اشتراط قصد المسافة بأيّ شيء هو؟.
قلت : قد ادعى العلاّمة في المنتهى الإجماع على هذا الشرط فيما نقله بعض الأصحاب (٢) ، أمّا استدلال البعض بأنّ المسافة معتبرة ولا يتحقق إلاّ بالقصد أو الفعل ، والثاني ليس بشرط ، فيكون الاعتبار بالقصد (٣). فلا يخفى ما في الاستدلال ، والأولى أن يقال : والثاني ليس بشرط إجماعاً ، كما ذكره شيخنا قدسسره (٤) وإن كان إثبات الإجماع محلّ كلام ، وكذلك الانحصار ، نعم الخبر مؤيّد لدعوى الإجماع.
وقد صرّح بعض الأصحاب بأنّه يكفي القصد تبعاً كالعبد والولد والزوجة ، لكن يشترط أن يعلم قصد المتبوع الموجب للقصر وعدم العزم على العود بتقدير الفرصة (٥).
ولا يخفى أنّ اشتراط العلم بالقصد إن أُريد به مجرّد العلم من دون
__________________
(١) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٥٢٦ ، وهو في المقنعة : ٣٤٩.
(٢) المنتهى ١ : ٣٩٠ ، ونقله عنه في مجمع الفائدة ٣ : ٣٦٩.
(٣) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٣٦٩.
(٤) مدارك الاحكام ٤ : ٤٣٩.
(٥) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٣٧٠.