وشيخنا قدسسره قال في المدارك : إنّ الأصحاب استندوا إلى رواية ابن بزيع في اعتبار الإقامة في الملك ستّة أشهر ، وهي غير دالة على ما ذكروه ، بل المتبادر منها اعتبار إقامة ستّة أشهر في كلّ سنة (١).
وأنت إذا تأمّلت ما حرّرناه بعين العناية ترى أنّ ما قالاه محلّ تأمّل.
وقد يمكن بالعناية أن توجّه دلالة الرواية من حيثيّة أُخرى ، وهو أنّ المراد بكلّ سنةٍ : كلّ سنةٍ يدخل فيها إلى البلد ، بمعنى أنّ محلّ الإقامة إن دخله في سنة الإقامة ستّة أشهر وجب التمام ، وإن دخله في غيرها لزمه التقصير ، فيراد بكلّ سنةٍ كلّ ما دخل ، وهذا يقتضي أنّه لو اختلفت السنة مسمّى الاختلاف يتعيّن التقصير ، كما لو سافر بعد ستّة أشهر من النصف الثاني من السنة ، والحال أنّ الظاهر من اعتبار الحال دخول مثل هذا في وجوب التمام.
على أنّ قطع النظر عن رواية سعد لا وجه له ، سيّما وهي صحيحة عند شيخنا قدسسره أمّا الوالد قدسسره فربما يطعن فيها باعتبار أُصوله ، وإن كان في الظن أنّه لا ارتياب في صحّتها ؛ إذ رجالها موثّقون بالاثنين (٢) ؛ ولو قطعنا النظر عن رواية سعد أمكن أن يلتفت إلى ما وجّهناه ، وإن كان بعدُ لا يخلو من تأمّل.
وأمّا ثانياً : فما يُظنّ من الصدوق أنّه يَعْتَبِر كلّ سنة في الإقامة غير ظاهر الوجه ، لأنّ عبارته بعد نقل رواية إسماعيل بن الفضل : قال مصنف هذا الكتاب : يعني : بذلك إذا أراد المقام في قراه وأرضه عشرة ، ومتى لم يرد المقام بها عشرة قصّر ، إلاّ أن يكون له بها منزل يكون فيه في السنة ستّة أشهر ، فإذا كان كذلك أتمّ متى دخلها ، وتصديق ذلك ما رواه محمد بن
__________________
(١) مدارك الأحكام ٤ : ٤٤٤.
(٢) كذا ، ولعلّ المراد توثيق النجاشي والشيخ.