ومن تأمّل الأخبار حقّ التأمّل يعلم أنّ الجمع بهذا الوجه ممكن ، ويتفرع على هذا مثل الولد إذا لم يكن له ملك ، فإنّ لزوم الإقامة في كلّ سنة أو في سنة مشكل ، وعدم الاعتبار كذلك.
ويمكن تأييد أخبار الإقامة ستة أشهر مضافاً إلى ما دلّ على الملك بالأخبار الدالة على أنّ المسافر يقصّر ما لم ينو مقام عشرة أيّام فإنّها عامّة ، فإذا خرج منها صاحب الملك والإقامة بقي ما عداه ، والأخبار الواردة مجملة ، فالإتمام في الضيعة لا يخلو من إجمال ، ويؤيّده أيضاً استصحاب القصر. وقد يقال : إنّ هذا معارض مع ما تقدّم من عدم صدق السفر بأنّ التمام هو الأصل ، والأخبار الواردة بأنّ المسافر يتمّ في أهله ، فليتأمّل.
وفي الروضة قال جدّي قدسسره عند قول الشهيد رحمهالله : وأن لا يقطع السفر بمروره على منزله : وهو ملكه من العقار الذي قد استوطنه أو بلده التي لا يخرج عن حدودها الشرعية ستّة أشهر فصاعداً بنيّة الإقامة الموجبة للتمام متوالية أو متفرقة أو منوي الإقامة على الدوام مع استيطانه المدّة وإن لم يكن له ملك (١).
وهذه العبارة قد تكلّمنا فيها في حاشية الكتاب بما لا مزيد عليه ، والمقصود هنا أنّ قوله أخيراً : وإن لم يكن له ملك ، يدلّ على أنّ اعتبار الملك على الإطلاق ليس موضع وفاق.
وفي كلام بعض محقّقي المتأخّرين نحو ما قلناه (٢). وحينئذ تحصل التقوية للاحتمال الذي قدّمناه ، وإن اختص كلام جدّي قدسسره باشتراط الاستيطان المدّة ، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.
__________________
(١) الروضة البهية ١ : ٣٧٢.
(٢) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٣٧٦.