بعضها : « إذا أتيت بلداً » (١) وهو بظاهره يقتضي الاتحاد في البلد ، وإن أمكن أن يقال : إنّ اعتبار البلد غير منحصر ، للتصريح بأنّ نيّة الإقامة في البادية كافية في كلام البعض نظراً إلى العموم ، ولي فيه تأمّل من حيث إن العموم قابل للتخصيص بالبلد ، وعلى تقدير عدم التخصيص يحتمل أن يراد ما يشبه البلد من التعيّن في الجملة ، كما يجيء بيان ما لا بدّ منه إن شاء الله.
على أنّ كلام العلاّمة ظاهره لا يخلو من شيء ؛ لأنّ أوّل الكلام يقتضي التعيّن ، وقوله أخيراً : فكان كالمتنقّل في سفره من منزل إلى منزل. يدلّ على عدم التعيّن.
وإذا عرفت هذا فالشيخ له أن يردّ الاحتمال الذي قلناه بأنّ إقامة العشرة إنّما هي في البلد وما يشبهها في التعيين بخلاف مثل المتقاربة ، فمن ثمَّ لم يذكر ما تقدّم من أحد الوجهين.
وربما يقال : إنّ الحديث الذي أشرنا إليه من قوله عليهالسلام : « إذا دخلت أرضاً » يتناول الضياع القريبة ، وقد سمعت ما فيه من جهة المعارض واحتمال دفعه ، وهذا على سبيل المماشاة مع الشيخ ، وإلاّ فقد قدّمنا ما في الحمل على إقامة العشرة ، واحتمال إقامة الستة أشهُر هنا أشدّ بُعداً كما لا يخفى.
ولو حمل الخبر على عدم صدق السفر بالدوران في الضياع كما ذكره بعض الأصحاب : من أنّ المسافر لو قطع المسافة في شهرين أو ثلاثة لا يقصّر لأنّه لا يسمّى مسافراً. كان ممكناً ، لكنّ البُعد فيه غير خفيّ ، مضافاً إلى أنّه يقتضي أنّ السؤال عن غير ما ذكرناه أوّلاً من جهة كونه مسافراً في
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٢١ / ٥٥٢.