الاختلاف فالعمل بقول المعدِّل أو الجارح لا يخلو من نظر ، وأثر هذا بالنسبة إلى الشيخ والنجاشي له فائدة مهمّة في أُصول الحديث ، فإنّ المقرّر في الدراية أنّه مع العلم بالاتفاق يكتفى بالإطلاق (١) ، والعلم هنا غير حاصل ، وبدونه فالترجيح لا وجه له ، وحينئذ يرجع الأمر إلى مجرّد الإخبار.
ويبقى ترجيح النجاشي من حيث زيادة السبب في المواد التي يقع فيها القدح وعدمه من الكشي وغيره (٢) ، فإنّ الشيخ غالباً ما يعتمد على الكشي ، وقد يقع الاستناد في القدح إلى خبر يوهمه أو نحو ذلك ، على أنّ الذي يقتضيه النظر أنّ مرجع قول النجاشي والشيخ إلى الاجتهاد في التعديل والجرح ، وتقليدهما في هذا لا وجه له من المجتهد ، ومن غيره على تقدير عدم جواز تقليد الميت ، وعلى تقدير جواز التقليد أيّ فرق بين تقليدهم في هذا وتقليد مثل الصدوق في حكمه بصحّة الخبر؟ بل أيّ فرق بين تقليدهم وبين التقليد في الحكم بصحّة الحديث ، كما لو قال العلاّمة : روى فلان في الصحيح ، مع كون بعض الرجال غير مصرّح بتوثيقه في كتب الرجال؟ بل أيّ فرق بين التقليد في الفروع وفي الجرح والتعديل؟!
فإنّ قلت : الفرق هو الإجماع في الفروع بخلاف الجرح ، وأمّا قول الصدوق فيمكن أن يوجّه عدم الاعتماد عليه بالإجماع أيضاً ، أمّا قول العلاّمة فمع الإجماع يمكن ردّ ما قاله بشدّة ما وقع له من الأوهام في الرجال كما يعلمه من تتبّع الخلاصة.
وأوْضَحُهُ : ما وقع في حمزة بن بزيع حيث قال : إنّه من ثقات
__________________
(١) الدراية : ٧١.
(٢) في « رض » : في غيره.