ويحتمل قوياً التعدّي إلى قبور من علم انتسابه بالولادة إليه من الأبرار من أولادهم ؛ لاحتمال دخوله في ضمير الجمع في قوله : « قبوركم » .
وأمّا من لم يعلم انتسابه إليهم ، وكذا غير أولادهم من العلماء والصلحاء ، فلا أرى لإِخراجهم من عمومات الكراهة وجهاً . والقول بعدم انصرافها إليهم فاسد ، فالقول بالكراهة فيها أظهر .
ثم المراد بالبناء المكروه ما يسمّى بناءً عرفاً ، وأمّا مطلق التظليل ـ ولو بالصناديق والضرائح والخيام والفساطيط ـ فلا دليل على كراهته ، إلّا أنه ذكرها جماعة ، كما في القواعد وعن النهاية والمصباح والوسيلة والسرائر (١) . ولا بأس به ؛ لفتاواهم ، مع استثناء ما إذا تعلّق به غرض صحيح ، كما صرّح به بعضهم (٢) .
وتجديده بعد الاندراس ، كما في القواعد وعن النهاية والمبسوط والمصباح ومختصره والسرائر والمهذب والوسيلة (٣) والإِصباح ، بل على الأشهر ، كما صرّح به بعض من تأخّر (٤) .
لخبر الأصبغ ، ومرسلة الفقيه : « من جدّد قبراً أو مثل مثالاً فقد خرج عن ربقة الإِسلام » (٥) بناءً على ما هو المشهور والمنقول عن الصفّار أنه بالجيم (٦) ، وإن احتمل فيه احتمالات اُخر ، ولكن الاحتمال الأول ـ لكونه قريباً ، مع اعتضاده بفتوى الفحول ـ يكفي في المطلوب ، لكونه مقام التسامح . ولكنه مخصوص بقبور غير المعصومين ؛ لما مرّ .
__________________
(١) القواعد ١ : ٢١ ، والنهاية : ٤٤ ، ومصباح المتهجد : ٢٢ ، والوسيلة : ٦٩ ، والسرائر ١ : ١٧١ .
(٢) كالمحقق الكركي في جامع المقاصد ١ : ٤٥٠ .
(٣) القواعد ١ : ٢١ ، والنهاية : ٤٤ ، والمبسوط ١ : ١٨٧ ، ومصباح المتهجد : ٢٢ ، والسرائر ١ : ١٧١ ، والمهذب ١ : ٦٥ ، والوسيلة : ٦٩ .
(٤) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٥٠١ ، وصاحب الحدائق ٤ : ١٣٤ .
(٥) الفقيه ١ : ١٢٠ / ٥٧٩ ، التهذيب ١ : ٤٥٩ / ١٤٩٧ ، المحاسن : ٦١٢ / ٣٣ ، الوسائل ٣ : ٢٠٨ أبواب الدفن ب ٤٣ ح ١ .
(٦) حكاه عنه في المعتبر ١ : ٣٠٤ .