ثم إنّه اختلفت كلمات اللغويين في معنى الغلوة .
ففي العين والأساس : إنّ الفرسخ التام خمس وعشرون غلوة (١) .
وفي بعضها : إنها ثلاثمائة ذراع إلى أربعمائة (٢) .
وفي آخر : إنّها مائة باع (٣) والميل عشر غلاء .
وظاهر أكثر الفقهاء أنّ المحدود غلوة سهم أو سهمين ، أي قدر ذهابهما مع عدم مانع أو معاون ، والروايات خالية عن ذكر السهم ، ولكن يمكن أن يكون مراد أهل اللغة أنّ هذا القدر هو مرمى السهم ، والواجب الأخذ بالأكثر ، ووجهه ظاهر ممّا مرّ .
أ : قالوا : يتوزّع مع اختلاف الأرض حزونة وسهولة (٤) .
وفيه نظر ، والأصل يقتضي الأخذ بالأكثر .
ب : اللازم الطلب بالمقدّر من كلّ جانب ، كما صرّح به في المبسوط (٥) لا
__________________
=
كل حال يصدق عدم الوجدان للصلاة . ومثل الصلاة غيرها مما يجوز التيمم لعدم الفصل . بل يدل عليه في الجملة ما يأتي من قوله : « إن التيمم نصف الوضوء » من غير ضرورة ، إذا لم تجد الماء ، بل في كل موضع : روايات أبي بصير ورفاعة وابن المغيرة . وكذا سائر الأعذار فإنها أيضاً مثل عدم الماء لعدم الفصل ، ولرواية أبي بصير ، فإن قوله : « لا تقدر » شامل للجميع ، وكذا قوله : « وإن كنتم مرضى » .
هذا كله مع قطع النظر عن دليل آخر ، وإلا فأدلة وجوب تأخير التيمم للصلوات الموقتة إلى آخر وقتها فهو أمر آخر . منه رحمه الله تعالى .
(١) العين ٨ : ٤٤٦ ، وأساس البلاغة : ٣٢٧ .
(٢) كما نقل عن ابن شجاع في المغرب ٢ : ٧٨ .
(٣) الباع : قدر مدّ اليدين . الصحاح ٣ : ١١٨٨ .
(٤) كما في المسالك ١ : ١٦ .
(٥) المبسوط ١ : ٣١ .