لعدم المرجّح لبعضها كما قيل (١) ؛ إذ غاية ما يثبت منه التخيير . بل لأنه لم يعلم من الرواية خروج ما عدا ذلك من تحت الأصلين المتقدمين ؛ لأنّ المشار إليه بقوله : « ذلك » فيها هو الغلوة والغلوتان ، لا الطلب كذلك الموجب لكفاية تحقّق مطلقه ، لحزازة المعنى ، مع أنّ إمكان إرادة ما ذكرنا يكفي لنا .
فلا يكفي الطلب عن اليمين والشمال ، كما عن نهاية الإِحكام والوسيلة والاقتصاد (٢) ، ولا مع الأمام في المسافر ، كما عن المفيد والحلبي (٣) ، ولا الجهات الأربع ، كما عن المهذب وشرح الجمل للقاضي والإِصباح والإِشارة والشرائع والغنية (٤) ، بل عن الأخير الإِجماع عليه ، ولا مطلق الطلب كما هو ظاهر من أطلقه . مع أنّ حمل الأخيرين على ما ذكرناه أيضاً ممكن ، بل وكذا الثاني ، لكون الخلف مفروغاً عنه .
ج : وجوب الطلب إنّما هو مع الأمن واحتمال وجود الماء في النصاب وما دونه ، فيسقط مع الخوف إجماعاً ؛ له ، ولفحوى ما دلّ على سقوطه مع العلم بوجود الماء مع الخوف كما يأتي .
ولرواية الرقي : أكون في السفر وتحضر الصلاة وليس معي ماء ويقال : إنّ الماء قريب منا ، فأطلب الماء ـ وأنا في وقت ـ يميناً ولا شمالاً ؟ قال : « لا تطلب الماء ولكن تيمّم ، فإني أخاف عليك التخلّف عن أصحابك فتضلّ ويأكلك السبع » (٥) .
وكذا مع العلم بعدم الماء مطلقاً فيسقط كذلك ، أو في بعض الجهات
__________________
(١) روض الجنان : ١١٩ .
(٢) نهاية الإِحكام ١ : ١٨٣ ، الوسيلة : ٦٩ ، الاقتصاد : ٢٥١ .
(٣) المفيد في المقنعة : ٦١ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٣٦ .
(٤) المهذب ١ : ٤٧ ، شرح الجمل : ٦١ ، الاشارة : ٧٤ ، الشرائع ١ : ٤٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ .
(٥) الكافي ٣ : ٦٤ الطهارة ب ٤١ ح ٦ ، التهذيب : ١٨٥ / ٥٣٦ ، الوسائل ٣ : ٣٤٢ أبواب التيمم ب ٢ ح ١ .