وللمحكي عن الإِسكافي (١) ، فخصّ الكراهة بغير صاحب الجنازة ، وقال باستحباب مشيه بين يديها ؛ للأخبار المصرّحة بتقديم مولانا الصادق عليه السلام على سرير إسماعيل (٢) .
ويضعّف بأنه غير منافٍ لأفضلية التأخّر ، مع أنه يحتمل التقية ، لأنّ أفضليته مذهب العامة (٣) .
هذا كلّه في جنازة المؤمن ، وأمّا غيره فالحقّ في التقديم عليها الكراهة المصطلحة ، بل عن العماني فيه الحرمة (٤) ؛ للنهي عنه في المعتبرة (٥) ، وعدم دليل فيه على الراجحية المطلقة ، لاختصاص أكثر المرغّبات والأوامر صريحاً ، والجميع ظاهراً بجنازة المؤمن .
ومنه يظهر عدم استحباب التشييع لجنازة غيره أيضاً ، إلّا مع مصلحة داعية ، ومعها قد يجب .
ومنها : رجوع المشيّع حتى يدفن أو يأذن الولي ، إلّا من ضرورة ؛ لمرفوعة البرقي : « أميران وليسا بأميرين : ليس لمن شيّع جنازة أن يرجع حتى يدفن أو يؤذن له » (٦) الخبر .
ثم لو أذن له الولي في الانصراف لم يسقط استحباب إتمام التشييع ؛ للاستصحاب ، وحسنة زرارة وفيها : فلمّا صلّى على الجنازة قال وليّها لأبي جعفر : ارجع مأجوراً رحمك الله ، فإنك لا تقوى على المشي ، فأبى أن يرجع ـ إلى أن
__________________
(١) حكى عنه في الذكرى : ٥٢ .
(٢) انظر الوسائل ٢ : ٤٤١ أبواب الاحتضار ب ٢٧ .
(٣) في المغني ٢ : ٣٥٦ ما لفظه : أكثر أهل العلم يرون الفضيلة للماشي أن يكون أمام الجنازة . . . وقال الأوزاعي وأصحاب الرأي المشي خلفها أفضل . وانظر الاُم ١ : ٢٧٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٣١٠ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٢ .
(٤) حكى عنه في الحدائق ٤ : ٧٢ .
(٥) انظر الوسائل ٣ : ١٤٩ أبواب الدفن ب ٥ .
(٦) الكافي ٣ : ١٧١ الجنائز ب ٤٢ ح ٢ ، الوسائل ٣ : ١٤٦ أبواب الدفن ب ٣ ح ٦ .