فيجب تخصيصها بهما ، كما يجب تخصيصهما وتخصيص المرفوعتين بغير من خاف تلف نفسه بصحيحة ابن سنان ومرسلة جعفر ، المتقدّمتين (١) ، حيث تتعارضان معها بالعموم من وجه وترجّحان عليها بموافقة الكتاب الموجب للتيمّم على المريض والنافي للعسر والحرج والناهي عن التعرّض للتهلكة ، كما هو ظاهر الشيخ وصريح النافع (٢) .
خلافاً للهداية والمفيد (٣) ، فلم يخصّصاها ، وأوجبا الغسل وإن كان فيه تلف نفسه . ولا وجه له .
كما لم يخصّص الأكثر متعمّد الجنابة عن أخبار التيمّم مطلقاً ، وأوجبوا عليه التيمّم أيضاً ؛ اتّكالاً على عدم صلاحية الصحيحتين والمرفوعتين لمعارضتها ، لمخالفتها لما دلّ على عدم تحريم تعمّد الجنابة حينئذٍ من الإِجماع والنصوص وخصوص فعل المعصوم كما في الصحيحين ، فلا يترتّب على فاعلها عقوبة وانتقام . ومناقضتها للاُصول القطعية الكتابية والسُنية المثبتة لليسر والسهولة ، النافية للحرج والضرر ، الكاشفة عن تقديم اعتناء الشارع بالأبدان على اعتنائه بالأديان ، الموجبة لطرح الصحيحين وأخويهما ، لتواتر الأخبار بأنّ كلّ خبر مخالف للكتاب والسنّة مردود . ومضادّتها لحكم العقل بوجوب دفع الضرر المظنون .
مع ما في الصحيحين من عدم التفرقة فيهما بين المتعمّد وغيره بل ظهورهما في غير المتعمّد ، وفي ثانيتهما من أعمّية العنت عن المشقّة اليسيرة أيضاً ، وفي المرفوعتين من عدم ظهورهما في حصول الضرر بالغسل وضعف سنديهما ، وفي الأربعة من مخالفة الشهرة الموجبة للشذوذ المخرج عن الحجية .
مضافاً إلى معارضتها بالتساوي مع صحيحة محمد : عن الرجل أجنب في
__________________
(١) في ص ٣٧٤ .
(٢) الشيخ في النهاية : ٤٦ ، المختصر النافع : ١٧ .
(٣) الهداية : ١٩ ، المفيد في المقنعة : ٦٠ .