والثاني موافق للأصل ، فهو الأجود .
وهل الإِلقاء إنما هو بعد تعذّر النقل إلى البرّ في زمان لا يعتريه الفساد ، كما هو ظاهر الأكثر ومقتضى مفهوم المرفوع ، أو يجوز ابتداءً كما عن بعضهم (١) ؛ لإِطلاق البواقي ؟ الظاهر : الأول ؛ حملاً للمطلق على المقيد ، كما يقيّد إطلاق المقيد في الإِلقاء بتقييد المطلقات بالتثقيل أو الستر .
ويستثنى من الثاني ما إذا التبست القبلة ، أو تعذّر صرف الميت إليها ، كأن يموت في بئر ونحوه وتعذّر الإِخراج والصرف . ووجهه ظاهر .
ومن صُور التعذّر : ما إذا ولد توأمان ملصقاً ظهر أحدهما بالآخر ـ كما اتّفق في بلدتنا ـ فيستقبل بأحدهما مخيّراً . وأما القطع والاستقبال بهما فتنفيه حرمة القطع وعدم دليل وجوب الاستقبال ؛ لانحصاره في المرويين (٢) الخاليين عن الجابر في المقام ، المنصرفين إلى الشائع .
وقد يستثنى أيضاً الكافرة الحاملة من المسلم بنكاح أو ملك أو شبهة خاصة ـ كما عن جماعة (٣) ـ أو مطلقاً ولو بالزنا كما عن بعضهم (٤) ، فيستدبر بها القبلة في مقبرة المسلمين حتى يكون الولد إلى القبلة ، على المشهور ، بل عليه الإِجماع عن الخلاف والتذكرة (٥) ؛ لرواية يونس (٦) .
ولا دلالة فيها أصلاً ، كما لا حجية للإِجماع المنقول ، إلّا أن يقال مقتضى الرواية : دفن الولد معها من غير إخراج ، ويجب الاستقبال به والدفن في مقبرة
__________________
(١) حكاه في المدارك ٢ : ١٣٤ عن ظاهر المقنعة والمعتبر ، ولكن قال في المقنعة : ٨٦ إذا مات الإِنسان في البحر ولم يوجد له أرض يدفن فيها . . .
(٢) وهما المرويان في الدعائم ودعوات الراوندي وقد تقدما في ص ٢٩٠ .
(٣) منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٣٧ ، وصاحب الرياض ١ : ٦٣ .
(٤) كالمحقق في المعتبر ١ : ٢٩٢ ، والعلامة في القواعد ١ : ٢١ لإِطلاق كلامهما .
(٥) الخلاف ١ : ٧٣٠ ، التذكرة ١ : ٥٤ .
(٦) التهذيب ١ : ٣٣٤ / ٩٨٠ ، الوسائل ٣ : ٢٠٥ أبواب الدفن ب ٣٩ ح ٢ .