ولا لأنّ حركة اليد حين رفعها من الأرض للمسح وللضرب تصرّف في الملك المغصوب ؛ لأنّ هذه الاُمور أيضاً غير التيمّم .
بل لأنّ مسح الجبهة والكفين عبارة عن إمرار اليد عليهما ، وذلك الإِمرار تصرّف في الهواء المغصوب ، فيكون منهياً عنه ، وبه يبطل المسح الذي هو عين التيمّم .
وعلى هذا فلو كان على موضع مغصوب ولكن أخرج رأسه وكفّيه منه ومسحهما ، لا يبطل .
ولو حبس في مكان مغصوب ولم يجد ماءً مباحاً يصح استعماله ، قال في شرح القواعد : يتيمّم بترابه وإن وجد غيره ؛ لأنّ الإِكراه أخرجه عن النهي ، فصارت الأكوان مباحةً ؛ لامتناع التكليف بما لا يطاق ، إلّا ما يلزم منه ضرر زائد على أصل الكون ، ومن ثمّ جاز له أن يصلّي وينام ويقوم (١) . وهو كذلك .
ولا بالنجس إجماعاً محقّقاً ومنقولاً في الناصريات والتذكرة (٢) ، وفي المنتهى : لا نعرف فيه مخالفاً (٣) ، وفي المدارك : إنه مذهب الأصحاب (٤) ؛ له ، ولقوله سبحانه : ( صَعِيدًا طَيِّبًا ) .
والمراد بالطيّب وإن لم يتعيّن لغةً أنه الطاهر ، وكثير من المفسّرين ـ بل أكثرهم ـ فسّروه به ، وبعضهم بالحلال ، وبعض بما ينبت منه النبات (٥) ، ولكنه محتمل الإِرادة .
وصدق الطيب اللغوي بجميع معانيه على النجس غير معلوم ، فيكون مجملاً وبه تقيّد المطلقات ، والمقيّد بالمجمل ليس بحجةً في موضع الِإجمال ، فيؤخذ فيما هو خلاف الأصل ـ وهو إباحة ما يشترط الطهور فيه ـ بالمتيقّن ، وهو الطاهر .
__________________
(١) جامع المقاصد ١ : ٤٨٠ .
(٢) المسائل الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٩ ، التذكرة ١ : ٦٢ .
(٣) المنتهى ١ : ١٤٤ .
(٤) المدارك ٢ : ٢٠٤ .
(٥) انظر : تفسير الطبري ٦ : ٨٨ ، والتبيان ٣ : ٢٠٧ ، ومجمع البيان ٢ : ٥٢ ، والدر المنثور ٢ : ١٦٧ .