مضافاً إلى احتمال إرادة غسل مَن أراد غسل الميت منه ، فإنه مستحب ، ويكون المعنى : الغسل الذي منشؤه غسل الميت . وكون المنشأ إرادته لا ينفي منشئيته . مع أنّ الحمل على غسل المس أيضاً لا يخلو عن تقييد ، لعدم استلزام غسل الميت لمسّه ، بل عن تجوّز ، لأن المنشأ ليس غسل الميت ، بل المسّ الذي في ضمنه . مع أنه وقع في بعض الأخبار (١) المروية في الخصال : « وغسل من غسل الميت » (٢) ، معطوفاً على غسل المس .
وعن الثالث : بأنه ظاهر في حال الحرارة ولا أقل من شموله لها ، فيجب تخصيصه بها ؛ إذ لا غسل مع المسّ بالحرارة ، كما هو المجمع عليه بين الطائفة ، والمصرّح به في الأخبار السالفة .
ومنصوص عليه في التوقيع الآخر : وروي عن العالم : « أنّ من مسّ ميتاً بحرارته غسل يده ، ومن مسّه وقد برد فعليه الغسل » وهذا الميت في هذه الحالة لا يكون إلّا بحرارته ، والعمل في ذلك على ما هو ؟ التوقيع : « إذا مسّه في هذه الحال لم يكن عليه إلّا غسل يده » (٣) .
ثمَّ إنّ مقتضى إطلاق ما تقدّم وإن كان وجوب غسل المسّ بعد البرد مطلقاً ، إلّا أنّ المجمع عليه بين الأصحاب ـ كما صرّح به غير واحد ـ اختصاصه بما قبل غسل الميت ، وبه تقيّد الإِطلاقات .
مضافاً إلى صحيحة الحلبي : « لا تغتسل من مسّه إذا أدخلته القبر ، ولا إذا حملته » (٤) فإنه لا يمكن أن يكون المراد قبل الغسل ، لصحيحة الصفّار : « إذا
__________________
(١) كالمروي في الخصال عن الصادق عليه السلام في تعداد الأغسال : « وغسل من مس الميت بعد ما يبرد وغسل من غسل الميت » وفيها أيضاً عن أبي جعفر عليه السلام : « وإذا غسلت ميتا أو كفنته أو مسسته بعد ما يبرد » . ( منه رحمه الله ) .
(٢) الخصال : ٦٠٣ ، الوسائل ٣ : ٣٠٦ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٨ .
(٣) الاحتجاج : ٤٨٢ ، الوسائل ٣ : ٢٩٦ أبواب غسل المس ب ٣ ح ٥ .
(٤) التهذيب ١ : ١٠٥ / ٢٧٣ ، الوسائل ٣ : ٢٩٧ ، أبواب غسل المس ب ٤ ح ٢ .