ولا يخفى أنّ مقتضى الدليل الأوّل اشتراكهما ، ومقتضى الثاني اختصاص الثاني ، فلا وجه لإِجزاء نية أحدهما .
والتحقيق : أنّ الغَسل ـ كما مر ـ هو إجراء الماء على العضو ، فإن حصل ذلك من الصابّ في جميع الأعضاء وإن توقّف إجراؤه على تقليب الغير ، فالغاسل هو الصابّ والنية عليه ، والمقلّب ليس إلّا كنازع الثوب . وإن حصل منهما بأن يصبّ أحدهما إلى عضو ويجري الآخر إلى الباقي بمعونة يد أو تحريك عضو بعد الصبّ ، فالغسل منهما والنية عليهما . وإن كان الصبّ من أحدهما ويدلك الآخر جميع الأعضاء بحيث يحصل غسل الجميع منه أيضاً وإن جرى الجزء الأول من الصاب فيكفي نية الدالك ، لحصول الغسل بفعله ، والصابّ آلة له ، وعليه تنزّل المعتبرة المتقدّمة .
ومع التعدّد لو ترتّبوا بأن يغسل كلّ واحد منهم بعضاً اعتبرت من كلّ واحد عند ابتداء فعله .
الثالث : تغسيله ثلاثاً : بماء السدر ، وبماء الكافور ، وبالقراح . وفاقاً لغير الديلمي (١) في التثليث ، كما في المدارك ، وروض الجنان ، والمعتبر (٢) ، بل عن الخلاف الإِجماع عليه (٣) ؛ للنصوص المستفيضة ، كصحيحتي ابن مسكان وخالد :
الاُولى : عن غسل الميت ، قال : « اغسله بماء وسدر ، ثمَّ اغسله على أثر ذلك غسلة اُخرى بماء وكافور وذريرة (٤) إن كانت ، واغسله ثالثة بماء قراح » قلت : ثلاث غسلات لجسده كله ؟ قال : « نعم » (٥) .
__________________
(١) المراسم : ٤٧ قال : الواجب تغسيله مرة بماء القراح .
(٢) المدارك ٢ : ٧٩ ، روض الجنان : ٩٨ ، المعتبر ١ : ٢٦٥ .
(٣) الخلاف ١ : ٦٩٤ .
(٤) هي فتات قصب الطيب ، وهو قصب يجاء به من الهند كقصب النشاب . ( أساس البلاغة : ١٤٢ ) .
(٥) الكافي ٣ : ١٣٩ ، الجنائز ب ١٨ ح ٢ ، التهذيب ١ : ١٠٨ / ٢٨٢ ، الوسائل ٢ : ٤٧٩ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ١ .