مع أنه إن اُريد كون ظرف التمكن الآن اللاحق ، لزم عدم جواز التيمّم فيه ، والظاهر أنه لم يقل به أحد .
فإن قيل : معنى قوله : إن لم تجدوا ، أي في الوقت ، ومقتضاه عدم التيمّم المستلزم لوجوب الوضوء على من صدق عليه الواجد في الوقت ، ومع وجود الماء في جزء منه يصدق عليه أنه واجد الماء في الوقت ، فيجب عليه الوضوء وتترتّب عليه لوازمه .
قلنا ـ مع إيجابه بطلان التيمّم فيه ـ : إنه على ذلك يكون لواجد الماء في الوقت فردان : المتمكن حين إرادة الوضوء ، والغير المتمكن منه ، ولا شك أنّ الثاني مخرج حيث لا يجوز التكليف بما لا يطاق ، فيختصّ بالأول ، فلا يفيد .
بل (١) لفهم العرف وحكم العقل بذلك من الخطاب ، كفهمه وحكمه بوجوب المقدمة وسائر لوازم الخطابات ومفاهيهما ؛ فإنّ مما لا شك فيه أنه لو قال المولى لعبده : كُنْ على السطح ، وكان له سُلّم ، فكسره بعد الأمر اختياراً يذمّه العقلاء غاية الذم ، ويستحقّ العقاب واللوم عند أهل العرف .
وكذا إذا قال : كُنْ على السطح إن قدرت على السلّم ، وإلّا فكُنْ في السرداب .
وكذا إذا قال له : اشتر لي فرساً فإن لم تجده فحماراً ، فوجد في السوق فرساً موافقاً لمطلوب مولاه يبيعونه ، فلم يشتره حتى يباع بالغير ثم اشترى حماراً ، يذمّ غاية الذم ويلام حقّ الملامة .
بل التحقيق أنّ ذلك مقتضى وجوب مقدمة الواجب ، وما يدلّ عليه يثبته ، وحكم الإِبقاء بعينه حكم التحصيل ، فيكون الحكم كذا في كلّ مقدمة يكون الواجب بالنسبة إليها مطلقاً .
بل يظهر ممّا ذكرنا عدم الاختصاص بالوقت ، بل حرمة الإِتلاف ونحوه فيما
__________________
(١) هذا عطف على قوله : لا لما قيل . . . المذكور في ص ٣٦٠ .