فاذا ظهر تحقق الطلب بهذا الوجود الحقيقي يظهر تحقق غيره من الامثلة به أيضا وتكون مثله من الكيفيات النفسانية ؛ وهي أيضا من هذه الجهة غير وجوده العلمي.
ثالثها : تحققها بالوجود الانشائي. وانشاء هذه المفاهيم عبارة عن : قصد حصولها في نفس الامر باللفظ. وهذه المفاهيم لعلها من هذه الجهة من مقولة ( أن يفعل ) باعتبار نفس الانشاء ، ومن مقولة ( الاضافة ) باعتبار نفس المنشأ ، وهو أثر اعتباري لا وجود له في الخارج ، فوجوده فيه عبارة عن وجوده بوجود منشأ انتزاعه الذي به يخرج عن مجرد الفرض ويكون من الامور النفس الامرية.
وليعلم انّ هذا الوجود الانشائي للطلب وغيره من نظائره غير الوجود الحقيقي لها وان كان قد يكون ذلك من دواعي الانشاء ، لعدم قابلية وجودها الحقيقي لتعلق الانشاء به لوضوح خروجه عن الاختيار. كما ظهر ان الوجود الانشائي عبارة عن حصول مفاهيمها في عالم اللفظ اذا صدر مع القصد ، في قبال فرض الفارض الذي لا وجود له أصلا ؛ وصيغها دائما مستعملة فيها بهذا اللحاظ ، سواء كان الداعي لانشائها وجودها الحقيقي أم لا ؛ فالاختلاف انما يكون في مجرد الداعي للاستعمال لا في نفس المستعمل فيه.
فمن هنا تتفطن انّ ما ذكره أهل [ الأدب ] (١) من المعاني المجازية للامر ـ من السخرية والتعجيز وغيرها وكذا الاستفهام من التقرير والانكار والاستبطاء ـ ليس في محله ، لوضوح كون صيغ المذكورات حقيقة في مفاهيمها بوجوداتها الانشائية دون الحقيقية ، ووجودها الانشائي موجود في جميع المقامات بوجود منشأ انتزاعه ، والمعاني المذكورة من قبيل الدواعي لاستعمالها فيها ، كما انّه قد
__________________
(١) في الاصل الحجري ( الأدبية ).