اذا عرفت ما ذكرنا من المقدمة فنرجع الى المقصود فنقول :
انّه لا اشكال في انّ النزاع المعروف بينهم من اتحاد ( الطلب والارادة ) وعدمه ليس راجعا الى [ المسائل ] اللغوية : من انّهما من حيث اللغة لفظان مرادفان لمعنى واحد أم لمعنيين ، بل راجع الى المعنى أوّلا وبالذات والى اللفظ ثانيا وبالعرض ، فالنزاع حقيقة واقع في [ انّه هل ] (١) هنا وصفان واقعيان قد وضع لاحدهما الطلب ولآخرهما الارادة أم لا؟ بل مفهوم واحد ومعنى فارد يطلق عليه الطلب تارة والارادة اخرى.
فالحق : انّه لا اشكال ولا ريب في تحقق الارادة بكل من أنحاء الوجودات المذكورة للطلب واتحادها في كل مرتبة معه فيها لا مع نحو آخر ، لشهادة صدق من الوجدان :
بعدم الزائد من مفهوم واحد في الذهن كي يدّعى مغايرتهما وتعددهما.
وبعدم الزائد من صفة واحدة قائمة بالنفس ، بل كيفية واحدة ووجود واحد حقيقي عارض للنفس وهو عبارة : عن الشوق المؤكد الحاصل فيها عقيب الداعي ، وهو ما بحذائهما وحده.
وبعدم الزائد عن المفهوم الواحد في مرتبة الانشاء حتى بقصد أحدهما من قوله : « اريد انشاء » والآخر من قوله : « أطلب » بل الثاني ليس إلاّ بمنزلة التكرار في الانشاء ؛ والمنشأ به طبيعة. نعم يكون غيره في التشخص الانشائي فانّه يتعدد صدوره ولو لشخص واحد لمعنى واحد بلفظ واحد ، فضلا عما اذا كان الإنشاءان لمعنى واحد بلفظين كما في ما نحن فيه.
فالحاصل : انّ تعدد اللفظ والوجود الانشائي لا يوجب تعدد المنشأ به حتى
__________________
(١) في الاصل الحجري ( انّ ).