آخر ، مع انّ الداعي ليس بقابل لتعلق الانشاء به فكيف يكون مأخوذا في الموضوع له القابل للانشاء؟ مع استلزام ذلك لكون الموضوع له خاصا وهو خلاف التحقيق ؛ فلو كان لا بد من ذلك القيد بدليل فيكون قيد الاستعمال باشتراطه في الوضع ، فلو لم يستعمل كذلك لم يكن مجازا وإن كان مخالفا للوضع.
ثم انّ أصالة الحمل على الارادة الجدّية للمستعمل فيه لا بدواع أخر ليست بأصل عقلائي في مباحث الالفاظ ؛ وكذا أصالة عدم القرينة ، حيث انّ الثابت فيها هو الحمل على الموضوع له بالارادة الجدية في مقام الاستعمال بحسب الارادة الواقعية أيضا.
ودعوى الانصراف من باب الغلبة ، فيه ما لا يخفى ، لانّ الاستعمال بدواع أخر ـ غير البعث والتحريك ـ في المقام مما لا ينضبط ؛ إلاّ أن يدّعى ظهور حال العقلاء في مقام التصدي للامر في كونهم بصدد تحققه واقعا بارادتهم الجدية ، إلاّ أن ينصبوا قرينة على الخلاف وهو لا يختص بالالفاظ ، بل يجري في الافعال وغيرها ، نظير ظهور حال المسلم في ارادة الفعل الصحيح في فعله وقوله ، فان ثبت فيها وإلاّ فدعوى الحمل على الارادة الجدية للفعل كي يترتب عليه البعث والتحريك فيه ما لا يخفى.
وأصالة عدم التقية على القول بها لا بد من اثباتها بأصل ثانوي عقلائي غير ما هم عليه من أصالة عدم القرينة ، ولا بعد فيه.
وامّا المقام الثالث : ـ وهو دعوى تبادر الوجوب من الصيغة وانصرافها اليه بناء على كونها للطلب المطلق ـ فأقول :
انّ انصراف اللفظ الى معنى لا بد أن يكون لمناسبة وربط بينهما ، بحيث يكون اللفظ قالبا له عرفا امّا بالوضع أو بغلبة استعماله في نفسه لا في ملزومه أو لازمه ، بحيث لا ينفكان في الاستفادة بل في الارادة ولكن لا بارادته من اللفظ بل