اللفظ لاحتمال الحقيقة عند انتفاء المرجح الخارجي ، فيشكل التعلق في اثبات وجوب الشيء بمجرد ورود الامر به منهم. وحكي عن غير واحد من الأجلاّء متابعته في هذه الدعوى كصاحب المدارك (١) والذخيرة (٢) والمشارق (٣) ، وفي هذا نظر.
امّا اولا : فلأنّ مجرد كثرة استعمال الصيغة في الندب ـ على تقدير التسليم ـ لا يصير سببا لكونه من المجازات المشهورة التي قيل بترجيحها على الحقيقة ، ما لم يصر استعمالها في الوجوب نادرا بحيث يضعف ظهورها فيه بل [ يفنى ] (٤) كي يوجد ظهورها في الندب ، وإلاّ فمجرد أكثرية الاستعمال فيه مع كثرة الاستعمال في الوجوب أيضا لا يوجب مؤانسة الذهن بأكثر من الوجوب منها ، بل ولا بمثله.
وامّا ثانيا : فعلى تقدير تسليم قلته ، انما يجدي كثرة الاستعمال في الندب ـ في كونه من المجازات الراجحة ـ لو كانت تلك الكثرة بلا قرينة متصلة ، تعويلا على القرينة المنفصلة ، إلاّ أن يستغنى عنها أيضا بقرينة الشهرة ، ودون اثباته خرط القتاد ، بل لم يلتزم قدسسره به.
مضافا الى عدم الجدوى فيه أيضا ما لم يصر المعنى الحقيقي مهجورا ، وعنده يصير نقلا الى المعنى المجازي بالوضع التعيني ، لأنه بدونه لا يخلو :
امّا أن يختلف حال الاستعمالات اللاحقة مع السابقة في نظر المستعملين ، بأن يكون حالهم فيها بتجريد النظر عن التبعية للمعنى الحقيقي ـ بخلاف السابقة ـ فيكفي مثل هذا الاستعمال في صيرورة اللفظ في المعنى المجازي ، بل يكفي فيها
__________________
(١) مدارك الاحكام ٢ : ٢٩٢ ؛ ٣ : ١١١ ، ٢٥٨ ، ٣٠٩ ؛ ٤ : ٣٠٢.
(٢) ذخيرة المعاد : ١٧٨ السطر ٤٢ ـ ٤٣ ؛ وص ٢٩١ السطر ٩ ـ ١٠ ؛ وص ٥٨ السطر ٣ ـ ٤.
(٣) مشارق الشموس : ٢٧٥ السطر ٣١ ـ ٣٢ ؛ وص ٣٠٠ السطور الثلاثة الاخيرة.
(٤) في الاصل الحجري ( ينفى ).