قلت : انّ ما ذكرت من صيرورة المعلوم فعليا انما هو مسلّم بالنسبة الى الواقعيات التي لم يقم مقامها بدل ولم يتوجه حكمها الفعلي الى بدلها كما في الأعمال اللاحقة ، وامّا السابقة فلا اشكال في توجه أمرها الفعلي من مثل ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) الى بدلها القائم مقامها بحكم المغيّا في أدلة البراءة ، ولا اشكال في حكم العقل أيضا بلزوم امتثال التكاليف الواقعية المتوجهة الى المكلف في ضمن مؤدّى الاصول ؛ ولازم المقدمتين ـ مع العلم بعدم تعدد التكليف الحقيقي في كل وقت ـ الإجزاء عقلا وعدم انقلاب التكليف الفعلي الى نفس الواقع بعد كشف الخلاف.
نعم لو لم يدّع الانقلاب بل ادّعي كون الغاية قرينة لظهورها على ارادة الحكم الصوري من المغيّا بعد كشف الخلاف ـ ولا يكون ذلك إلاّ لمجرد العذر في ترك الواقع على تقدير الخطأ كما في الامارات ـ لكان الحق عدم الإجزاء ، كما انّه لا بد من ذاك الحمل لو قام الدليل الخارجي على عدم الإجزاء.
إلاّ انّه مدفوع : بأظهرية المغيّا في كونه بصدد الحكم الفعلي التعبدي من ظهور الغاية على خلافه ، فلا بد من الاخذ بالنسبة الى غير ما أتى به مطابقا للامر الظاهري.
هذا كله بناء على أن تكون الغاية المذكورة فيها لبيان الحكم الفعلي للواقع المعلوم في قبال المغيّا ؛ وامّا بناء على حملها على بيان الحكم العقلي وهو انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه بأن كان ذكر القيد لمجرد تنقيح موضوع الحكم الظاهري فحينئذ لا يكون لها مفهوم كي يقال بظهورها على حكم المغيّا كما لا يخفى.
ثم لا فرق فيما ذكرنا ـ من التفصيل بين الاصول والامارة ـ بين ما كانت جارية قبل العمل ، أو بعد الفراغ من العمل ، أو في أثنائه كما في قاعدة الفراغ وقاعدة التجاوز ؛ في الإجزاء وعدمه.
تنبيه : لو بنينا على عدم الاجزاء في الامارات فهل هو كذلك لو كان