نعم ربّما يتوهم المنافاة بين ما ذكر وبين قولهم بوجوب معرفة الاحكام ومقدماتها غيريا ، حيث انّهما ليسا من المقدمات الوجودية للواجب فكيف الحكم بوجوبهما غيريا. نعم لا اشكال بناء على ما ذهب اليه صاحب المدارك (١) على الوجوب النفسي للتعلم.
ويدفع ذلك : بأنّ المعرفة لو رجعت الى مقدمة الوجود كما لو كان تركه سببا للغفلة الموجبة لترك الواجب فلا اشكال ، وان لم يكن كذلك فلا بد أن يلتزم بوجوب المعرفة طريقا كوجوب الاحتياط ؛ ويفرّق بين الوجوب الطريقي والوجوب المقدمي : بأنّ الوجوب في الاول للتوصل الى مصلحة الواجب النفسي وفي الثاني لكون المقدمة مما يتوقف عليها وجود ذي المقدمة.
وامّا باللحاظ الثاني فيكون مقدمة العلم من المقدمات الوجودية له ومحكومة بحكمه فان كان واجبا شرعيا كالاحتياط في الشبهة التحريمية ـ على قول الأخباريين وفي أطراف العلم الاجمالي بناء على ثبوته بالادلة النقلية ـ [ فتكون ] (٢) مقدمته كذلك.
وان كان واجبا عقليا كالمعرفة بالنسبة الى الاعتقادات وتحصيل العلم باتيان الواجب في أطراف العلم الاجمالي ـ بناء على التحقيق من كون وجوب الاحتياط عقليا محضا بلا كشف حكم الشارع مولويا بوجوبه ـ تكون مقدمته أيضا كذلك.
والحاصل : انّ مقدمة العلم بالنسبة الى تحصيل المعرفة من المقدمات الوجودية فلا يكون قسيما لها. نعم بناء على الاعتبار الاول يظهر انّه بالنسبة الى نفس العلم تكون داخلة في محل النزاع.
__________________
(١) مدارك الاحكام ٢ : ٣٤٥ و ٣ : ٢١٩.
(٢) في الاصل الحجري ( فكون ).