فالأولى في الجواب ؛ الالتزام بعنوان نفسي ورجحان ذاتي في الواجبات النفسية وان ترتب عليها فوائد أخر أيضا.
بل يمكن أن يقال : انّ المصلحة الذاتية في العبادة كالصلاة مثلا من سنخ مصلحة معرفة الله المحبوبة ذاتا ، حيث انّ حسنها لكونها مصداقا لاظهار تذلل النفس وخضوعها واظهار عظمة الله ، وهو كما يحصل بمعرفة [ النفس ] (١) كذلك يحصل بهيئة الصلاة التي تكون مصداقا للخضوع والتذلل وهو عين اظهار عظمة المعبود ، غاية الامر يكون الأولى اظهارا في الخارج ؛ وهذه الطبيعة أينما تحققت تكون حسنا بذاتها ، وبعض مراتبها كالخضوع الجارحي يكون مقدمة لبعض مراتبها الاخرى كالخضوع الجانحي.
ولكن لما كانت الجهة النفسية في كل مرتبة سابقة على الجهة الغيرية فيها فتكون موجبة بوجوبها النفسي قبل تأثير جهتها الغيرية في ايجابها الغيري ، فتكون الجهة الثانية امّا غير مؤثرة أصلا عقلا أو موجبة للتأكد بحيث لا تكون رافعة للوجوب النفسي ، فلذلك تكون العبادة الشرعية واجبات نفسية ومحبوبات بذاتها وان كان فيها ملاك الوجوب الغيري أيضا ، فلا ينتقض أحد التحديدين بالآخر طردا والآخر عكسا كما لا يخفى.
نعم يمكن أن يقال : انّ المصلحة في بعض الواجبات خارجة عن المأمور به ، إلاّ انّها لا يترتب عليه إلاّ بعد الالزام. وبعبارة اخرى : يكون أثرا للفعل الالزامي لا لذاته ، ومثل هذه المصلحة لا يمكن أن يتعلق بها الامر لكونها متوقفة عليه فلا يصير موضوعا له وحينئذ فيكون الفعل واجبا ابتداء ؛ ولا للتوصل الى واجب آخر وان كان للغير ، فيكون واجبا نفسيا على التحديد الاول دون الثاني ،
__________________
(١) في الاصل الحجري ( النفسية ).