ومن المتأخرين كالشيخ البهائي (١) وغيره قد أنكر الثمرة المذكورة قائلا بعدم الصحة مطلقا بنظر الى اقتضاء الامر بالشيء عدم الامر بضده لاستلزامه التكليف بالمحال بل التكليف المحال ، فيستحيل ولو عند الاشاعرة المجوزين للامر بالمحال ، وحينئذ فيبطل الضد اذا كان من العبادات لتوقف صحتها على تعلق الطلب بها.
ولكن التحقيق : صحتها ولو لم يكن أمر في البين أصلا :
امّا على مذهب العدلية من تبعية الاوامر والنواهي للمصالح والمفاسد في المأمور بها والنهي عنها ، فواضح ، لعدم فقدان الضد ـ بسبب مزاحمته بالامر بالاهم ـ مصلحته الموجبة للامر به قبلها ، بل كان على ما هي عليه قبل المزاحمة من المصلحة والمحبوبية ، غاية الامر يسقط البعث والزجر بالنسبة اليه من قبل المولى لمانع عقلي وهو الامر بالاهم ، وحينئذ فيصح التقرب به لمصلحته النفسية.
وتوهم : انّ استكشاف المصلحة بالامر ، وإذ ليس في المقام فليس.
مدفوع : بأنّ عدم الاستكشاف بانقطاع انما هو فيما كان الانقطاع بالتخصيص اللفظي أو العقلي اذا كان بسبب قصور المقتضي كما في الصلاة في الدار الغصبي بناء على امتناع اجتماع الامر والنهي.
امّا اذا كان بسبب وجود المزاحم بالنسبة الى الامر الفعلي بلا قصور في نفس الفعل ـ كما فيما نحن فيه ـ فلا ينقطع الاستكشاف ، إذ كان العقل يدرك ارتفاع الامر ، كذلك يدرك عدم تنزل الضد عما هو عليه ـ قبل المزاحمة ـ من المصلحة وانّها ليست مقيدة بعدم المزاحمة ، هذا.
مع امكان استكشاف بقاء المصلحة باطلاق المادة في صورة رجوع القيد
__________________
(١) زبدة الاصول : ١١٨ ؛ والطبعة الحجرية منه : ٨٢.