بأنّه : « التمكن من استنباط الاحكام » (١) فتخرج مثل مسائل الاصول العملية الشرعية ، لكون البحث فيها عن ثبوت الحكم الظاهري بعد اليأس عن الاستنباط بلا دخل لها في الاستنباط أصلا ؛ والعقلية وهو واضح ؛ والبحث عن حجية الظن على الانسداد على نحو الحكومة ؛ بل البحث عن حجية الامارات مطلقا ـ بناء على انشاء الحجية فيها دون الحكم التكليفي على طبقها ـ لعدم استنباط الحكم التكليفي على طبقها ، إلاّ أن يتكلف بجعل الاستنباط أعم من القطع بالحكم الشرعي أو الظن به فتدخل حجية الامارات في المسائل.
ولكن الظاهر ـ من ذكر المهرة لمثل هذه المسائل في مهمات الاصول وعدم خلوّ كتاب من الكتب المدوّنة فيه عنها بل هي عمدة المباحث فيها ـ : انّ الغرض في علم الاصول أعم من الاستنباط أو تعيين الوظيفة بعد اليأس عن الاستنباط ، سواء كانت الوظيفة حكما شرعيا كمفاد الاصول الشرعية ، أو عقليا كالاصول العقلية والظن الانسدادي على الحكومة ، وهو الذي يساعده الاعتبار ، لعدم خصوصيته في الوقوع في طريق الاستنباط بعد كون مطلق تعيين الوظيفة من شغل المجتهد ، فيكون ما له دخل في تعيين ما يستريح اليه في هذا المقام من المهمات الاصولية ، ولا وجه للاستطراد في مثل هذه المهمات.
فان قلت : انّ مفاد الاصول العملية هو ثبوت الحكم الفرعي للموضوعات الكلية ، كما في أصالة الحلّية فانّ مفادها ثبوت الحلّية للموضوع المشكوك الحلّية والحرمة ، و [ كما ] في الاستصحاب فانّ مفاده اثبات الحكم المماثل لما كان متيقن الثبوت في السابق ومشكوك البقاء في اللاحق ؛ وحينئذ فما الفرق بينهما وبين سائر القواعد الفقهية ومنها نفس هذه الاصول الجارية للشبهات الموضوعية ، وقاعدة نفي
__________________
(١) التقرير والتحبير ١ : ٢٧ السطر ٦ من الطبعة القديمة ، و ١ : ٣٦ من الحديثة ؛ الموافقات ٤ : ١٠٦.