والثاني : في اعتبار علو الناهي بالنسبة الى المنهي. والظاهر انه مما لا اشكال فيه أيضا ، لتبادره عند اسناد النهي الى مجهول الحال من حيث العلو وعدمه فيكشف ذلك عن اعتباره في مفهومه ، ولصحة سلبه عن طلب [ الداني ] (١) فلا يصدق عليه النهي وان صدق عليه الطلب. ومنه يظهر انّ طلب الترك أعم منه.
نعم ربما يشكل بأنّ المأخوذ في مادة الامر :
ان كان هو مفهوم علو الطالب اسميا ؛ ففيه : مع انه خلاف ما هو المتبادر منه ، غير قابل التحقيق واقعا بالانشاء.
وان كان هو مصداقه حرفيا ؛ ففيه : انه من خصوصيات النسبة [ ألـ ] مستفادة بالانشاء الحاصل بالاستعمال لا يمكن أن يكون مأخوذا في مادة الهيئات ، فتدبر.
[ الثالث ] : (٢) انّ الظاهر عدم كفاية استعلاء الناهي عن اعتبار علوّه ، لصحة سلبه عن طلب غير العالي وان كان مستعليا.
وتوهم : صحة اطلاق النهي عرفا على طلب الداني عند استعلائه ، ويكشف عنه تهديد العقلاء إيّاه بقولهم : « انتهى الامر ».
مدفوع : بأنّ تهديدهم للداني لعله من جهة تخيل العلو في حقه ، فأبرز طلبه بصورة العالي ، ويكون اطلاق النهي حينئذ امّا حقيقة بملاحظة اعتقاد الداني العلو في حقه ، أو مجازا بعلاقة مشابهة القائه نحو القاء العالي ، فمع احتمال ذلك فكيف يستدل بذلك على كفاية الاستعلاء؟ هذا.
مضافا الى لزوم الاشتراك اللفظي حينئذ بين طلب المستعلي وطلب العالي ،
__________________
(١) في الاصل الحجري ( الذاتي ).
(٢) قد ذكر في الاصل الحجري بعنوان « الثاني » وذكر « الرابع » الآتي بعنوان « الثالث » ؛ ولا بد أنه من اشتباه الناسخ.