وكمباحث المبادئ اللغوية في مسألة البحث عن دلالة الصيغة على الوجوب وعدمها ؛ وكمبحث حجية الاجماع المنقول ؛ وخبر الواحد ؛ وحجية ظن المجتهد المتجزي ؛ وعدم حجية القياس ونحوها من المباحث الراجعة عن ثبوت الموضوع ، أو عن غير العوارض الثابتة له كما يظهر بالتأمل.
٦ ـ قوله : « صناعة يعرف بها القواعد ... الخ ». (١)
وجه العدول عن تعريف المشهور لعلم الاصول بأنّه : « العلم بالقواعد ... الخ » يحتاج الى بيان أمر وهو :
انّ العلم قد يطلق ويراد به : التصور ، أو التصديق ، أو الملكة ، والظاهر انّه في هذه الثلاثة بمعنى الانكشاف ، وانما كان الاختلاف بين الاولين في متعلق الانكشاف من حيث كونه مفردا تارة فيسمى بالتصور ، ومركبا اخرى فيسمّى بالتصديق.
وامّا الملكة : فهو الانكشاف الراسخ ولو على نحو البساطة. واطلاقه على التهيّؤ مجاز. وقد يطلق ويراد به المعلوم وهو المسائل ، واطلاقه عليه كاطلاق المصدر على المبني للمفعول كالخلق بمعنى المخلوق ، وهو قد يكون حقيقيا اذا كان معنى المفعول متحد الوجود مع معنى المصدر وناشئا عنه كالمثال ، وقد يكون مجازيا اذا كان مختلف الوجود وكان المصدر واردا على متعلق غير متوقف عليه كاطلاق العلم على المسائل ، وحينئذ اذا كان بين المسائل جهة وحدة منتزعة عنها تسمّى تلك ـ باعتبار جهة الوحدة ـ بالفن ، ويطلق عليها بهذه الجهة في اصطلاح العلوم من باب الحقيقة المنقولة.
اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم : انّ العلم بهذا المعنى اسم للفن والصناعة ، فاطلاقه
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٣ ؛ الحجرية ١ : ٨ للمتن و ١ : ٨ للتعليقة.