وبين ظهور دليل المقيد : في كون الموضوع لذلك هو خصوص المقيد ولو لم نقل بثبوت المفهوم له ؛ ولا اشكال في انّه بناء على أظهرية القيد لا بد من حمل المطلق عليه.
فالحاصل : انّ المفهوم في جميع الموارد لا دليل عليه. نعم قد يثبت ذلك في بعضها بالحكمة ، كما لو كان المتكلم في مقام البيان في مثل « في الغنم السائمة زكاة » (١) وحينئذ : فان كان في مقام بيانه بالنسبة الى افراد الغنم فيثبت المفهوم بالنسبة الى معلوفة الغنم فقط ، وان كان في مقام البيان بالنسبة الى كل ما يجب فيه الزكاة من الانعام فيدل على عدم وجوب الزكاة في المعلوفة من الابل أيضا ؛ وامّا السائمة منها فيبتني على استكشافه العلية المنحصرة بوصف السائمة بما هي بلا خصوصية في الغنم فيدل على وجوب الزكاة عن السائمة من غيرها أيضا.
ثم انّ المفهوم على القول به انما هو فيما اذا لم يكن الوصف واردا مورد الغالب ـ بأن يكون في أغلب افراد الموصوف ـ وإلاّ فيحمل على كون ذكره لمجرد التوضيح بالوصف الغالب ، لا أن يكون قيدا للحكم بحيث يوجب اختصاصه بدائرة الوصف. نعم يمكن أن لا يدل الكلام حينئذ على ثبوت الحكم في غير محل الوصف الغالب أيضا ، حيث انّ ذكره ـ على تقدير التنزل عن المفهوم ـ لا يدل على الثبوت في غيره.
وعلى هذا : فيشكل اثبات الحرمة في مثل قوله تعالى : ( وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ ) (٢) لغير ذوات الحجور.
لانه يدفع : بأنّ اثباته انما هو من جهة تعلق الحرمة بقوله : ( رَبائِبُكُمُ ) ولا
__________________
(١) عوالي اللآلي ١ : ٣٩٩ المسلك الثالث الحديث ٥٠ ؛ ولم نعثر عليه في مصادر الحديث. وفي دعائم الاسلام ١ : ٢٥٧ في ( ذكر زكاة المواشي ) بلفظ : « الزكاة في الابل والبقر والغنم السائمة ... الخ ».
(٢) سورة النساء : ٢٣.