واخرى : تكون بنحو تعدد الدال والمدلول ، كما في قولك : « رأيت أسدا يرمي » لو اريد من الاسد طبيعة الشجاع ومن قولك : « يرمي » خصوصية كونه في ضمن الرجل الشجاع ، ويكون المجاز من قبيل استعمال اللفظ الموضوع للخاص في العام.
وثالثة : بنحو اتحاد الدال والمدلول ، بأن يراد تمام المعنى المجازي من اللفظ وحده وجئت بالقرينة لتفهيم المراد والمدلول منه.
اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم : انّ الاشكال انما يتأتّى على الوجه الاول دون الآخرين كما لا يخفى. مع انّه على تقدير التسليم [ لا ] (١) مجال له في المجاز مع القرينة المنفصلة ، حيث انّه يحصل الانس بين اللفظ وحده والمعنى المجازي ويشتد ذلك الى أن يصل الى استعمال يكون ذلك جزءا أخيرا للوصول الى مرتبة الوضع ، وبعد ذلك تحصل تلك المرتبة قهرا بلا قصد في استعمال ابدا. إلاّ أن يقال : انّ العلم بتلك المرتبة وبأنّ أيّا من الاستعمالات يصير موجبا للوصول [ الى تلك ] (٢) المرتبة حتى يتّبع الوضع في الاستعمالات اللاحقة ، مستبعد جدا.
نعم ، التحقيق : حصول العلم به تفصيلا بعد التكرير والارتكاز ، نظير التبادر المتوقف على العلم بالوضع اجمالا الموجب للعلم به تفصيلا ؛ فظهر انّ الوضع الناشئ من الكثرة لا يتوقف على الاستعمال بالقصد المذكور وان كان ذلك في غاية القوة في الاستعمالات الشرعية بناء على ثبوت الحقيقة الشرعية ، وفي الحقائق العرفية المختلفة مع الاوضاع ؛ فلا بد من نصب القرينة من الشارع ومن بعض أهل العرف على هذا القصد.
فان قلت : ما الفرق بين القرينة في هذا الاستعمال وبينها في المجاز؟
__________________
(١) في الاصل الحجري ( فلا ).
(٢) في الاصل الحجري ( بتلك ).