فالتحقيق : في الجواب ان يقال : انّ البيان يطلق على معنيين :
أحدهما : البيان الواقعي في مقام العمل والحاجة ، بحيث لو كان المراد هو المقيد ولم يبيّن عند ذلك فيلزم عليه ارتكاب القبح ، وهذا ما يقال : « تأخير البيان عن مقام الحاجة قبيح ».
ثانيهما : البيان في قبال الاهمال والاجمال في الكلام ، بمعنى انّ المتكلم صار بصدد افادة السامع تمام مقصوده الواقعي واظهاره بهذا الخطاب ، في مقابل أن يهمل أو يجمل ، بحيث لو كان مراده المقيد ولم ينصب قرينة عليه يلزم منه نقض الغرض المتعلق بايراد تمام مقصوده بهذا الكلام.
والاول يحصل ببيان مقصوده الواقعي الجدي الى حال العمل ؛ بخلاف الثاني ، فانّه يحصل باظهار انّ مقصوده ليس هو الاهمال أو الاجمال ، بل هو الاطلاق من جهة أو من جهات.
اذا عرفت ذلك فاعلم : انّ البيان المعتبر احرازه في المطلق هو الثاني ، لا الاول ؛ ولا شبهة في انّ الظفر بالمقيد لا يكشف عن عدم كونه في مقام البيان وارادة الاطلاق من الكلام بعد استقرار ظهوره ، غاية الامر بعد تمامية المقدمات يحكم بارادته لضرب القاعدة كي يكون مرجعا للمخاطب عند الشك في المقيد ؛ كما لو كان الظهور مستندا الى الوضع كما في العام وفي المطلق على ما نسب الى المشهور بأنّ المصادفة بالقيد على هذا القول لا يكشف عن عدم ارادة ظاهره ولا عن عدم كونه في مقام البيان من هذه الجهة بل يبقى على ظهوره ، غاية الامر لو كان ظهور الخاص والمقيد أقوى من ظهور العام والمطلق فيقدم عليهما ، كما في كل معارض أقوى ويدل على كون المراد الجدي على طبقهما ؛ ومع ذلك فلا يكشف عن عدم ارادة الظهور بل يحمل على كون ارادته لمصلحة ضرب القاعدة عند الشك ؛ فالظفر بالقيد وعدمه سواء في عدم الكشف عن عدم البيان بالمعنى