بينهما يمكن أن تلحظ بنفسه فيكون موجودا على حياله في الذهن ويخرج حينئذ عن كونه رابطا بين الطرفين ، بل يكون موجودا في عرضها ولا يكون حينئذ حاكيا عن الربط الخارجي كما انّ الطرفين لا يكون احدهما مرتبطا بالآخر بل يكونان مفردين كما لا يخفى ]. (١)
ويمكن أن تلحظ في الذهن على نحو يطابق الخارج بأن يلحظ الطرفان استقلالا لا مرتبطا احدهما بالآخر ، بحيث يكون لحاظ النسبة فانيا في لحاظهما ويكون الوجود الذهني ـ الذي يكون عين اللحاظ ـ مندكا في وجود الطرفين.
اذا عرفت ذلك فاعلم : انّ الربط من الامور الاعتبارية الواقعية التي لا تحقق لها إلاّ بوجود منشأ انتزاعها ، وانّه اذا تحقق في الذهن مطابقا لما في الخارج لا يكاد يكون إلاّ آليا ؛ ومن هذا يظهر انّ آلية اللحاظ فرع آلية الملحوظ في نفسه ، وانّ المعنى الحرفي متميز بنفسه عن المعنى الاسمي ، لا بمجرد اللحاظ كي يرد بعدم معقولية دخوله في المستعمل فيه بالبيان الذي عرفت.
نعم ذكر ذا الفرق بينهما باللحاظ اشارة الى الفرق بينهما بنفسهما ، وحينئذ فيسقط عنهم ما أورده عليهم المصنف من حيث دخول اللحاظ في المعنى.
نعم يبقى عليهم ما أورده عليهم من حيث الجزئية حيث انّ كلّيتهما وجزئيتهما تابعة لطرفيها ، ومن المعلوم انّ النسبة في مثل ( زيد قائم ) قابل الصدق على كثيرين باعتبار تعدد القيام العارض على زيد من حيث كونه في الدار أو في المسجد أو في غيرهما على اختلاف أنحائه من الانتصاب ونحوه في كل منها ، ولا
__________________
(١) الانسب ان تكون العبارة هكذا : « ولكن النسبة بينهما يمكن أن تلحظ بنفسها فتكون موجودة على حيالهما في الذهن وتخرج حينئذ عن كونها رابطا بين الطرفين ، بل تكون موجودة في عرضهما ولا تكون حينئذ حاكية عن الربط الخارجي ، كما انّ الطرفين لا يكون أحدهما مرتبطا بالآخر بل يكونان مفردين كما لا يخفى ».