فالعلم بارادة خلاف الظاهر من الخارج لا يوجب اجمال اللفظ ، فلا وجه لما في التقريرات (١) من تقسيمه الاجمال بالنسبة اليه أيضا فراجع.
ولا يخفى انّ الاجمال والبيان من المعاني الاصولية بالنسبة الى الاشخاص ، فقد يكون لفظ مجملا عند واحد ومبيّنا عند آخر ، فيختلف حكمه بالاضافة الى من اضيف اليه اللفظ.
اذا عرفت التوسعة في معنى الاجمال بالنسبة الى أسبابه وفي كونه اضافيا ، ظهر لك انّه : لو كان اللفظ مجملا عند شخص ، لا يمكن اثبات كونه مبيّنا عنده بالبرهان ، حيث انّ الاستدلال [ لا ] (٢) يوجب صيرورة اللفظ قالبا لمعنى ـ بحيث يكون القاؤه القاء ذلك اليه بلا التفات الى نفس اللفظ إلاّ بما هو فان في المعنى كما هو كذلك في الالفاظ المستعملة في مقام المحاورة لبيان المقاصد ـ لو لم يكن كذلك في نفسه.
مثلا : لو كان تركيب كلمة ( لا ) مجملا ـ ولو كان من جهة كثرة الاستعمال والشهرة في نفي الصحة ـ في الدلالة على نفي الماهية ولم يكن عنده ظاهرا فيه ، لم يثبت ذلك بالاستدلال عليه باثبات وضعها لنفي الجنس ، كما هو كذلك في الافعال المستندة الى الاعيان الخارجية مثل ( حرّمت عليكم الخمر ) ونحو ذلك.
نعم لو راجع ذلك الشخص الى العرف ورأى الظهور عندهم في معنى خاص ويقيد بذلك في استعمالاته ، يصير اللفظ ظاهرا بالنسبة الى ذلك المعنى عنده أيضا ، وعند ذلك فيخرج عن الاجمال أيضا كما هو واضح لمن له أدنى التفات.
كما انّه ربما يكون مجملا تفصيلا ومبيّنا ارتكازا فيحتاج العلم به الى الملاحظة التفصيلية ، نظير الوضع في مسألة التبادر. ولعله أشار الى ذلك بقوله : « فتأمل ». والحمد لله الذي وفقني.
__________________
(١) مطارح الانظار : ٢٢٥ السطر ٣١ ـ ٣٢ والطبعة الحديثة ٢ : ٢٩٩.
(٢) في الاصل الحجري ( لم ).